Adds
أخبار

العنف المدرسي…بين الواقع والمأمول

الأزهري خالد

شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا في حالات العنف داخل محيط المدرسة أو خارجها سواء على مستوى العنف اللفظي والجسدي أو العنف المادي، اللذين يتبادلهما كل من التلميذ والأستاذ في حق بعضهما البعض. فالمعطيات المتوفرة حول تنامي وتيرة العنف في الوسط التعليمي صادمة، والعنف أصبح صارخا في بعض المؤسسات التعليمية، خصوصا تلك الموجودة بالأحياء الشعبية، حيث تنشط تجارة المخدرات، ويتوفر المرتع الخصب للعنف، الذي يقتحم فضاءات خاصة بالتربية والتعليم، ويتغلغل فيها مصيبا أطرها وأجهزتها بالعجز عن تحقيق الغاية من المنظومة التعليمية.

وعلى اساس هذه الظاهرة شهدت ثانوية شاعر الحمراء يومه الاربعاء 30 مارس 2022 على الساعة الثالثة والنصف زوالا بمكتبة المؤسسة احتضان ندوة علمية تحت عنوان “العنف المدرسي…بين الواقع والمأمول” من تنظيم جمعية أمهات وآباء وأولياء امور تلميذات وتلاميذ ثانوية شاعر الحمراء الإعدادية وبتعاون مع المنظمة الدولية للسلام والتعايش بين الشعوب و مركز ابن بطوطة للدراسات الاستراتيجية والبحوث والاستشارات. وقد عرفت القاعة حضورا كثيفا من قطاعات مختلفة (التعليم،الأمن،الإعلام).

وقد افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية من طرف السيد بوشتى شوقي مدير المؤسسة وتلته كلمة السيد محمد ازوين رئيس جمعية آباء وأمهات وأولياء امور تلاميذ المؤسسة ورئيس المنظمة الدولية للسلام والتعايش بين الشعوب معبرا عن شكره وامتنانه للضيوف على قبول الدعوة لإغناء الندوة علميا وثقافيا كل من مجال اختصاصه. كما قدم ورقة تأطيرية للندوة حيث اعتبر تنامي العنف في العالم إحدى الظواهر المميزة للألفية الثالثة و لإنسان هذا العصر. واضاف ان الحروب والإجرام و الاقتتال، مظاهر سلوكية اكتسبها الإنسان و مارسها في بيئات مختلفة، و الحقيقة أن العنف ظاهرة اجتماعية قديمة قدم الإنسانية.

و نخشى أن تكون أكثر تدميرا للبنى الاجتماعية و العلائقية إذا ما لم يضاعف الاهتمام بها و التصدي لها خاصة و أن عدوى الانتشار في تسارع ينذر بعواقب بالغة الأثر على أنساق العلاقات الاجتماعية والقيم.

وتابع المتحدث الشائع أن العنف يبدأ من المنزل لينتقل إلى الشارع ثم يقتحم أسوار المدرسة، والمدرسة ليست وحدها المسؤولة عن تفشي الظاهرة بل لبيئات أخرى الحظ الأوفر في تصديرها، و ليس لنا أن نقف عند رصده أو تحديد أشكاله بل الإسراع في معالجته، و على الرغم من انكباب المختصين حول هذه الظاهرة التي هي ليست وليدة الساعة إلا أن ما قدم بشأنها لم يبلغ بعد الاهتمام اللازم، خاصة بعد أن ارتفعت حدتها و امتد تأثيرها إلى داخل الصفوف الدراسية في أشكال متنوعة أثرت على دينامية العلاقات بين طرفي العملية التعليمية التعلمية على اعتبار أن سلوك أي طرف يؤثر بالضرورة على الطرف الآخر و يتأثران معا بالمناخ السائد في البيئة الصفية.

وتابع السيد محمد ازوين رئيس المنظمة قائلا لما كانت الأهداف التربوية هي نقطة بداية كل عمل مدرسي فإن تحقيقها في بيئة صفية يسودها العنف يصبح صعب المنال، و أن تحقيق الفعل السلوكي الذي يراد تحقيقه لدى المتعلمين سواء على المستوى المعرفي أو الوجداني أو النفسي حركي لا يبلغ النتيجة المحددة بسبب المظاهر السلوكية التي تطغى على البيئة الصفية و التوترات التي تطبع العلاقات و التفاعلات القائمة بين قطبي العملية التعليمية .إضافة إلى مرحلة المراهقة وما تطرحة من مشاكل سلوكية بالنسبة للمراهق.

و يضيف المتدخل و اعتبارا لكل جوانب التأثير لهذه الظاهرة الخطيرة داخل الصفوف المدرسية و انعكاساتها على مكونات العملية التعليمية التعلمية، رأينا أنه من الضروري أن نتناول في هذه الندوة العلمية ظاهرة العنف في الوسط المدرسي بأبعاده النفسية و الاجتماعية و انعكاساته البيداغوجية، ونسعى كذلك من خلال مقاربات متعددة الاختصاصات( أمنية،حقوقية،تربوية،اجتماعية،دينية)

إلى تسليط الضوء على مفهوم العنف بصفة عامة ومفهوم العنف المدرسي بصفة خاصة، وتحديد أشكال العنف في الأوساط التربوية والتعليمية، وكذلك الوقوف على أهم المقاربات السوسيولوجية التي تناولت الظاهرة في سوسيولوجيا التربية، مع توضيح العوامل الاجتماعية التي فسرت بها كل مقاربة ظاهرة العنف في الوسط المدرسي والكشف عن أوجه الاختلاف بينها..

كما تدخل السيد عبد اللطيف شوقي المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في كلمته بتثمين الندوة العلمية وأهدافها التربوية في تزكية أدبيات التربية العامة النابذة لكل أشكال العنف المدرسي وتكريس ثقافة الحوار الهادف واحتضان المؤسسات التعليمية لأجيال جديرة بالرعاية التربوية والتنشئة الاجتماعية المبنية على الاحترام والتسامح.

وفي اطار معالجة الظاهرة من الناحية القانونية كانت مداخلة الدكتورة أمينة رضوان رئيسة مجلة الرائدة في العلوم القانونية حيث استفاضت في تعريف العنف وقدمت مقاربات قانونية لحماية القاصرين من كل أشكال العنف وفصلت في المراسيم المؤطرة للعمل التربوي والاداري داخل المؤسسة التعليمية وسردت بعض العقوبات الحبسية من المجموعة الجنائية (408-409-410-411).

وفي اطار المقاربة الامنية كانت مداخلة السيد صلاح طاهر العميد الاقليمي للمنطقة الامنية ابن امسيك.

تهم دعامات الدولة و هي الأسرة و الأستاذ والكفاءات العلمية من علماء الدين والاجتماع كما قدم إحصائيات ذات طبيعة أمنية لحالات العنف المدرسي والتحرش (33قضية عام 2021) ورأى ان هذه الارقام غير مقلقة ولا تستدعي تضخيم العنف المدرسي على أنه ظاهرة وأكد على ان القوة الأمنية لا تتدخل الا بعد استنفاد كل الوسائل التربوية وأشاد ختاما بدور الدوريات الأمنية في استتباب الأمن بالمحيط المدرسي.

ومن الناحية التربوية تدخلت الاستاذة نادية اوكري رئيسة مصلحة الشؤون القانونية والتواصل و الشراكة.

بحيث كانت مداخلتها منصبة على المقاربات التربوية لظاهرة العنف المفترض محاربتها بالاوساط التعليمية وانتهاج خطة بيداغوجية و تواصلية سلسلة للمحافظة على الإطار العلائقي بين اطراف العملية التعليمية والتعلمية بين المدرس والمتعلم و الاطر الإدارية.

كما عرفت الندوة مشاركة الاستاذ عز الدين الراجعي أستاذ التربية الاسلامية و ممثل المجلس العلمي المجلي لمقاطعات ابن امسيك بمداخلة مقتضبة تهم علاقة المعلم و المتعلم على حد سواء مع خالقهما واعتدالهما الديني و سيرهما على الرفق و الرحمة في المعاملات مع تقديمه أمثلة داعمة من القرآن والسنة.

وفي اطار المقاربة الإجتماعية تدخلت الاستاذة هاجر الزرقاوي اخصائية اجتماعية و نفسية باعدادية ابن المعتز وأشادت بدور أطر الدعم الاجتماعي والنفسي في مواكبة ملفات تربوية لتلاميذ في وضعيات اجتماعية ونفسية هشة وأعربت عن تتبعها ل76 حالة بالمؤسسة تستدعي تنويع الطرق العلاجية و الايكلينيكية.

وفي الختام الندوة العلمية ، تم توشيح كل من السيد عبد اللطيف شوقي المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والدكتورة أمينة رضوان رئيسة مجلة الرائدة في العلوم القانونية والسيد صلاح طاهر العميد الاقليمي للمنطقة الامنية ابن امسيك بالحمالة الكبرى لسفراء السلام الدوليين من طرف السيد محمد ازوين رئيس المنظمة الدولية للسلام والتعايش بين الشعوب.

زر الذهاب إلى الأعلى