تنظيم أمسية ثقافية وطنية بالداخلة بمناسبة الذكرى 47 لانطلاق المسيرة الخضراء
بمناسبة الذكرى 47 لانطلاق المسيرة الخضراء احتضنت القاعة الكبرى للغرفة الاطلسية الجنوبية للصيد البحري بالداخلة يوم 8 نونبر 2022 امسية ثقافية وطنية ، من تاطير وتنشيط الاستاذ احمد العهدي وتنظيم المنظمة المغربية لمتطوعي المسيرة الخضراء بتنسيق مع النيابة الجهوية لقدماء المقاومين واعضاء جيش التحرير بجهة الداخلة وادي الذهب تخللتها كلمة ترحيبية لرئيس منظمة متطوعي المسيرة الخضراء السيد محمد عزي ومداخلات لاساتذة باحثين : سلم تيروز اوزدر الحسين ، الحسن لحويدك وشهادات لمتطوعين الذين شاركوا في هذه الملحمة الخالدة فضلا عن تكريم مجموعة من متطوعي المسيرة الخضراء وبعض الفعاليات المحلية الذين اسدوا اعمالا جليلة للوطن عامة ولجهة الداخلة وادي الذهب على وجه الخصوص من ضمنهم قيدوم المنتخبين السيد المامي اهل احمد ابراهيم المعروف (بماميتو )، والسيدة سلم تيروز النائبة الجهوية للندوبية السامية لقدماء المقاومين واعضاء جيش التحرير لجهة الداخلة وادي الذهب والسيد سعد الحسين والاساتذة الباحثين الذين اطروا فعاليات الندوة الوطنية : احمد العهدي – الحسين اوزدر والحسن لحويدك .
و في هذا اللقاء قدم الاستاذ الكاتب الفاعل رئيس جمعية الوحدة الترابية بجهة الداخلة وادي الذهب بالمداخلة التالية تحت عنوان :
” قراءة في مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 47 لانطلاق المسيرة الخضراء ”
وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطابا ساميا إلى شعبه الوفي بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء مذكرا جلالته في مستهل خطابه ان تخليد الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء، شكلت مرحلة حاسمة في مسار ترسيخ مغربية الصحراء.
وفي هذا السياق ابرز جلالة الملك ان توجه المغرب في الدفاع عن مغربية الصحراء، يرتكز على منظور متكامل، يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة.
وعلى هذا الاساس يؤكد جلالته انه إذا كانت هذه الملحمة الخالدة قد مكنت من تحرير الأرض، فإن المسيرات المتواصلة التي يقودها جلالته تهدف إلى تكريم المواطن المغربي خاصة في هذه المناطق العزيزة.
وفي هذا الإطار يندرج البرنامج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية الذي تم توقيعه تحت رئاسة جلالته في العيون في نونبر 2015، والداخلة في فبراير 2016.
وفي هذا الشان يوضح جلالته بأن الأمر يتعلق ببرنامج تنموي مندمج بغلاف مالي يتجاوز 77 مليار درهم، ويهدف إلى إطلاق دينامية اقتصادية واجتماعيـة حقيقية وخلق فرص الشغل والاستثمار وتمكين المنطقة من البنيات التحتية والمرافق الضرورية.
لذلك ، يعتبر هذا البرنامج طموحا يستجيب لانشغالات وتطلعات سكان الأقاليم الجنوبية وتتحمل السلطات المحلية والمنتخبة مسؤولية الإشراف على تنزيل مشاريعه.
وفي هذا المضمار وبعد مرور حوالي سبع سنوات على إطلاق البرنامج التنموي الخاص بالاقاليم الجنوبية يثمن جلالة الملك النتائج الإيجابية التي تم تحقيقها، حيث بلغت نسبة الالتزام حوالي 80 في المائة، من مجموع الغلاف المالي المخصص له .
وفي هذا الإطار تم إنجاز الطريق السريع تيزنيت – الداخلة الذي بلغ مراحله الأخيرة وربط المنطقة بالشبكة الكهربائية الوطنية إضافة إلى تقوية وتوسيع شبكات الاتصال .
كما تم الانتهاء من إنجاز محطات الطاقة الشمسية والريحية المبرمجة وسيتم الشروع قريبا في أشغال بناء الميناء الكبير الداخلة – الأطلسي بعد الانتهاء من مختلف الدراسات والمساطر الإدارية.
وعلى الصعيد الاقتصادي الذي يعد المحرك الرئيسي للتنمية تم إنجاز مجموعة من المشاريع في مجال تثمين وتحويل منتوجات الصيد البحري الذي يوفر آلاف مناصب الشغل لأبناء المنطقة.
وفي المجال الفلاحي تم توفير وتطوير أزيد من ستة آلاف هكتار، بالداخلة وبوجدور ووضعها رهن إشارة الفلاحين الشباب من أبناء المنطقة وتعرف معظم المشاريع المبرمجة في قطاعات الفوسفاط والماء والتطهير، نسبة إنجاز متقدمة.
وفيما يتعلق بالمجال الاجتماعي والثقافي يشيد جلالة الملك بعدة إنجازات في مجالات الصحة والتعليم والتكوين ودعم مبادرات التشغيل الذاتي، والنهوض باللغة والثقافة الحسانية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية الوطنية الموحدة.
وفي هذا السياق يدعو جلالة الملك القطاع الخاص المطبوع بروح المسؤولية الوطنية إلى مواصلة النهوض بالاستثمار المنتج بهذه الأقاليم، لاسيما في المشاريع ذات الطابع الاجتماعي.
كما يدعو جلالة الملك لفتح آفاق جديدة، أمام الدينامية التنموية التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية، لا سيما في القطاعات الواعدة، والاقتصاد الأزرق، والطاقات المتجددة.
وعلى صعيد آخر يذكر جلالة الملك ان الصحراء المغربية قد شكلت عبر التاريخ صلة وصل إنسانية وروحية وحضارية واقتصادية بين المغرب وعمقه الإفريقي، لذلك يعرب صاحب الجلالة على ان المغرب سعى، من خلال العمل التنموي إلى ترسيخ هذا الدور التاريخي وجعله أكثر انفتاحا على المستقبل وهو توجه ينسجم مع طبيعة العلاقات المتميزة التي تجمع المغرب، بدول قارتنا الإفريقية والتي يحرص جلالته على تعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة لشعوبنا الشقيقة.
وفي هذا الإطار بادر جلالة الملك مع أخيه فخامة السيد محمدو بوخاري رئيس جمهورية نيجيريا الفيدرالية بإطلاق مشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب الذي يسجل التقدم الذي يعرفه هذا المشروع الكبير، طبقا للإطار التعاقدي الذي تم توقيعه في دجنبر 2016.
ولأجل ذلك تشكل مذكرة التفاهم الموقعة مؤخرا بالرباط مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وفي نواكشوط مع موريتانيا والسنغال، لبنة أساسية في مسار إنجاز المشروع الذي يعكس هذا التوقيع التزام البلدان المعنية بالمساهمة في إنجاز هذا المشروع الاستراتيجي، وإرادتها السياسية لإنجاحه.
وفي هذا الصدد اعتبارا لما يوليه جلالة الملك من أهمية خاصة للشراكة مع دول غرب القارة، فأنبوب الغاز نيجيريا – المغرب يعتبر أكثر من مشروع ثنائي بين بلدين شقيقين .
وفي هذا المضمار يتطلع جلالة الملك من هذا المشروع ان يكون استراتيجيا لفائدة منطقة غرب إفريقيا كلها التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة وذلك لما يوفره من فرص وضمانات، في مجال الأمن الطاقي والتنمية الاقتصادية والصناعية والاجتماعية بالنسبة للدول الخمسة عشر، للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إضافة إلى موريتانيا والمغرب.
وعلى هذا الأساس يعتبر مشروعا من أجل السلام، والاندماج الاقتصادي الإفريقي والتنمية المشتركة مشروع من أجل الحاضر والأجيال القادمة .
وأيضا بالنظر للبعد القاري لأنبوب الغاز نيجيريا – المغرب يعتبر جلالة كذلك بانه مشروع مهيكل يربط بين إفريقيا وأوروبا مشيدا جلالته بدعم المؤسسات المالية الإقليمية والدولية التي عبرت عن رغبتها في المساهمة الفعلية في إنجازه.
وبناء عليه يجددصاحب الجلالة الانفتاح على جميع أشكال الشراكة المفيدة من أجل إنجاز هذا المشروع الإفريقي الكبير مؤكدا على حرص المغرب على مواصلة العمل بشكل وثيق مع الاشقاء في نيجيريا، ومع جميع الشركاء بكل شفافية ومسؤولية، من أجل تنزيله في أقرب الآجال.
وفي ختام الخطاب الملكي السامي اعتبارا للوفاء لروح المسيرة الخضراء، ولقسمها الخالد، اكد جلالة الملك على مواصلة التعبئة واليقظة ، من أجل الدفاع عن وحدة الوطن وتعزيز تقدمه وارتباطه بعمقه الإفريقي وهي مناسبة للترحم على روح مبدعها والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني أكرم الله مثواه وعلى أرواح كل شهداء الوطن الأبرار.
هذا فيما يخص مضامين الخطاب الملكي السامي ، أما فيما يتعلق بقراءة الخطاب من خلال السياق الوطني والإقليمي والدولي والاممي يجدد جلالة الملك التأكيد على ان مغربية الصحراء لا جدال فيها بالحق والمشروعية وليست موضوع اية مساوة ومفاوضة لكن المغرب المعروف عنه بلد التسامح والاعتدال وفض النزاعات بالطرق السلمية ينهج في سياسته الدبلوماسية لغة الحوار لضحد مزاعم واستفزازات اعداء الوحدة الترابية.
ومن ضمنهم بصفة اساسية النظام الجزائري الذي لا زال للأسف الشديد ، يتمادى في معاكسة المغرب على سيادته العادلة على صحرائه لكن المغرب بفضل إجماعه الوطني قمة وقاعدة يحقق الانتصارات المتتالية لقضيته الوطنية التي تجسدت من خلال الاعتراف المتزايد لعدد الدول بمغربية الصحراء المشيدة بمبادرة الحكم الذاتي الجريئة كتسوية نهائية لهذا الخلاف الإقليمي الذي طال امده من ضمنها دول وازنة على الصعيد العالمي كالولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا والمانيا …بالإضافة إلى إقامة عدد من دول شقيقة وصديقة قنصليات لها في كل من العيون والداخلة في المقابل تآكلت اطروحة الكيان الانفصالي .
يوازي هذه المكاسب السياسية بقيادة الدبلوماسية الملكية الحثيثة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله المنجزات التنموية المحققة في عموم الاقاليم الجنوبية وفي صلبها النموذج التنموي الخاص بها الذي وصلت حصيلته المنجزة إلى 80 في 100 كما ابرز ذلك جلالة الملك في خطابه السامي.
ومن بين اوراش مشاريع هذا الورش الكبير على سبيل المثال لا الحصر : الطريق السريع تزنيت الداخلة عبر العيون ميناء الداخلة الاطلسي ربط الداخلة بالشبكة الكهربائية الوطنية علاوة على مجموعة من المشاريع المتنوعة في قطاعات الصيد البحري والفلاحة والثقافة والشؤون الاجتماعية والفوسفاط والقطاع الخاص وتشجيع فرص الشغل…
وعموما ابرز الخطاب على ان ملف الصحراء المغربية المفتعل قد حسم من طرف تأييد المنتظم الدولي وهو ما فتئ مجلس الامن الدولي يقره في كل كل قراراته منذ ان تقدم المغرب بطرح مبادرة الحكم الذاتي في سنة 2007 التي عرفت استحسانا دوليا واسعا نظرا لصدقيتها وواقعيتها كحل لتسوية نهائية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.
خطاب جلالة الملك تطرق ايضا إلى تحديات ورهانات التنمية على الصعيدين الإقليمي والقاري لأفريفيا التي يطمح جلالته بان تكون متماسكة ومتضامن ومتقدمة في عصر التكتلات الاقتصادية التي يتطلبها العالم.
ونظرا لما يربط المغرب بعمقه الأفريقي تجسد المملكة المغربية فتح أفاق الشراكات والتعاون جنوب – جنوب من خلال المشروع الكبير لدول جنوب غرب افريقيا المتعلق بانبوب الغاز نيجيريا – المغرب ولعلها إشارات لما يهمه الامر ، لها دلالات ورسائل عميقة بأن زمن الحروب والنزاعات قد ولى ، وهذا ما يجب ان ينعكس على العلاقات بين كل الاقطار الافريقية والمغاربية من اجل اندماجها وتكاملها.