تفشي بطالة الشباب وذوي الشهادات العليا في المغرب يسائل الجامعات المغربية
كشفت المندوبية السامية للتخطيط عن معدل البطالة الذي تفسر بشكل كبير في صفوف الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة بحيث بلغ حوالي 32,7 في المائة، مقابل 11,8 في المائة كمعدل وطني إجمالي.
واوردت المندوبية، ضمن مذكرة إخبارية حول المميزات الأساسية للسكان النشطين المشتغلين خلال 2022، أن معدل البطالة بالنسبة للأشخاص البالغين ما بين 15 و44 سنة يناهز 12.3 في المائة.
الواقع أن مظاهر التباين بين نظم التكوين وخطط التشغيل، وتراجع جودة مضامين التكوين، واستمرار الجامعة في تخريج أفواج من العاطلين، ثم محدودية النسيج الاقتصادي في خلق فرص للشغل، كلها عوامل تحكم على عدد من خريجي الجامعة في المغرب بالبطالة وتطرح مشكل اندماجهم السوسيو مهني..
وإذا كان أغلب المغاربة يدركون الآثار السلبية لبطالة خريجي الجامعات، وبالخصوص على صعيد مظاهر الهدر الاقتصادي بفعل إهمال كفاءات مكونة وتركها بدون عمل، ومظاهر الإحساس بالإقصاء والإحباط والدونية وعدم الرضا والخوف من المستقبل، وكل ما يمثله ذلك من خطر على الاستقرار الأمني والسلم الاجتماعي؛ فإن السؤال المطروح هو ما هي المتغيرات المحددة لعملية البحث عن الشغل، وتحقيق الاندماج السوسيو مهني لهؤلاء؟
في محاولة الإجابة عن ذلك نشير إلى أن تلك المتغيرات تتخللها في حالة المغرب نواقص عديدة من قبيل الافتقار لسوق شغل منظم بصورة جيدة، وندرة كبيرة في فرص الشغل وفي المعلومات الخاصة بها، وغياب التلاؤم بين التكوين والتشغيل، والافتقار إلى مشروع سوسيو مهني محدد، ثم تواضع الكفاءات الاجتماعية والتواصلية المطلوبة.
ولتجاوز بعض معالم هذه النواقص، يهمنا في القضية الثانية لهذا الطرح الإشارة إلى اعتمادنا في الدراسة المغذية لهذه المقالة على سيكولوجية المواجهة La Psychologie de Coping كإطار مرجعي لمقاربة الموضوع المطروح وذلك بالتركيز على أسلوبين اثنين لتدبير التهديدات الداخلية أو الخارجية: الأول قوامه مساعدة الفرد على إقامة تكيف سيكواجتماعي مع محيطه، والثاني هدفه تخفيف الضغط الملازم للوضعيات المؤلمة مثل البطالة.
وإذا كانت غايات الدراسة الميدانية التي أنجزناها بهذا الخصوص تروم تحديد صعوبات الخريج الباحث عن الشغل وأنواع إستراتيجياته لتجاوز وضعية البطالة فإن تحقيق تلك الغايات قد تطلب إخضاع عينة تضم 187 خريجا جامعيا (25-35 سنة)، كلهم حاصلون على شهادة الإجازة فما فوق من جامعة فاس، ويتوزعون إلى فئات تبعا لمتغيرات الجنس والتخصص والانتماء الاجتماعي، والمهنة، ووسط الإقامة، وسنوات البحث عن العمل (من 1 سنة – 6 سنوات فأكثر)، ومؤسسات العمل لأداة قياسية تتكون من مجموعة من الأسئلة المتعلقة أولا بمعلومات عامة عن الخريج، وثانيا بظروف اندماجه أو عدم اندماجه في الحياة المهنية.
وإستنادا للمعطيات ذاتها، تنخفض البطالة إلى 3,3% لدى الأشخاص البالغين 45 سنة فما فوق، ويبقى أعلى معدل هو 61,4% في صفوف الشباب حاملي الشهادات ذات المستوى العالي.
ويبقى قطاع “الخدمات” في مقدمة القطاعات المشغلة، حيث يشغل 47,4% من النشطين المشتغلين، 32,9% منهم يشتغلون بفرع التجارة متبوعا بقطاع “الفلاحة والغابات والصيد” بنسبة 29,3%.
ويتجلى أن أكثر من نصف النشطين المشتغلين (51,2%) لا يتوفرون على أية شهادة، و10,7% يزاولون عملا موسميا، و12,8% يزاولون شغلا غير مؤدى عنه، و26,5% فقط يستفيدون من التغطية الصحية المرتبطة بالشغل.
بحجم يقدر بـ11,2 مليون شخص تمثل النساء المتواجدات خارج سوق الشغل 80,2% من النساء في سن النشاط.
الأرقام المقلة تظهر أن من بين 5,9 ملايين شاب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، نجد أن 15,4% يزاولون شغلاً، فيما 7,4% يبحثون عن شغل، في المقابل نجد أن 77,2% هم خارج سوق العمل، وهم بالأساس من الطلبة والتلاميذ وربات البيوت.
كما تكشف الأرقام أن أكثر من شاب من بين أربعة تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة يصنفون ضمن فئة من “لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين”، وتمثل النساء من هذه الفئة 72 في المائة و40,6% منهن متزوجات، و68,2% يتوفرن على شهادة.