Adds
أخبار

بنلياس يسلط الضوء حول موضوع الإصلاح البيداغوجي والنظام الأساسي للتعليم العالي

سلط د. عبد العالي بنلياس – أستاذ بكلية الحقوق السويسي الضوء حول موضوع الساعة يتعلق الأمر بالجامعة المغربية التي تستعد لاحتضان إصلاح بيداغوجي جديد، ابتداء من سنة 2023، يقوم على أربع دعائم أساسية، هي: تكريس التميز الأكاديمي والعلمي، الإدماج الترابي والتنمية الشاملة، الإدماج الاقتصادي والتنافسية، والإدماج الاجتماعي والاستدامة.

وفي هذا الصدد اكد بنلياس أن الجامعة المغربية اليوم يسيطر عليها موضوعان لهما أهميتها الاستراتيجية في أجندة وزارة التعليم العالي، الأول يتعلق بالإصلاح البيداغوجي، والثاني يتعلق بالنظام الأساسي للأساتذة الباحثين.

وتابع ان الموضوع الأول أخذ طريقه نحو التنفيذ للموسم الجامعي المقبل، رغم الرفض الواسع من طرف الأساتذة الباحثين لهذا المشروع، الذي كان من المفروض أن يكون موضوع نقاش متواصل وسط الأوساط الجامعية شعب ومجالس المؤسسات وفاعلين، للوصول إلى إصلاح عميق يقطع مع منهجية الإصلاحات السابقة، ويضع الجامعة المغربية في صلب ومقدمة السياسات العمومية التي تروم تأهيل وتكوين الموارد البشرية وتهيئها للاندماج في النسيج الإداري والاقتصادي والاجتماعي والسياسي لبلادنا.

اما الموضوع الثاني يستطرد عبد العالي بنلياس، متعلق بالمسار المهني للأساتذة الباحثين، والذي كان كذلك محل شد وجذب بين النقابة الوطنية للتعليم العالي والوزارة الوصية على القطاع، وقد كان العنوان البارز لمطالب الأساتذة الباحثين هو تحسين الوضعية المادية للأساتذة الباحثين.

موضوعان نجحت الحكومة في الفصل بينهما، والتحييد التدريجي للنقابة الوطنية للتعليم العالي من المشاركة في بلورتهما وإبداء الرأي فيهما، بحيث لم نعد نسمع بالدور الذي تقوم به النقابة الوطنية للتعليم العالي في تنزيل ورش إصلاح منظومة التعليم العالي منذ التوقيع على محضر الاتفاق ليوم 20 أكتوبر2022 الذي اختزل مطالب الأساتذة في زيادة 3000 درهم على ثلاث سنوات، رغم تدبيج محضر الاتفاق بعدد من الشعارات الرنانة.

فقراءة سريعة لبعض احكام ومضامين مشروع مرسوم النظام الأساسي الذي أحاله الأمين العام للحكومة على أعضاء الحكومة، يمكن إبداء الملاحظات التالية:

أولا: نظام أساسي أعطى سلطات أكبر للإدارة المركزية في وضع تفاصيل المسار المهني للأستاذ الباحث، بحيث بلغ عدد المقررات الحكومية والنصوص التنظيمية التي تضع تفاصيل التعيين والترقية والتعاقد والتسجيل في اللائحة الوطنية في أربعة نصوص تنظيمية وخمسة مقررات حكومية.

ثانيا: مشروع مرسوم النظام الأساسي لم يضع حدا لنظام الإطارين كما كان منتظرا، بل حافظ على ثلاثة إطارات: أستاذ التعليم العالي، أستاذ محاضر مؤهل، وأستاذ محاضر، بحيث وقع تغيير فقط تسمية أستاذ التعليم العالي مساعد بأستاذ محاضر، وأستاذ مؤهل بأستاذ محاضر مؤهل، وسوى في نفس الوقت بين عدد ساعات عمل أستاذ محاضر وأستاذ محاضر مؤهل في 10 ساعات في الأسبوع، على خلاف ما كان قائما في ظل مرسوم 1997 الذي ميز بين عدد ساعات عمل أستاذ مؤهل والتي كانت محددة في 10 ساعات، وعدد ساعات أستاذ التعليم العالي مساعد في 14 ساعة من العمل في الأسبوع.

ثالثا: مشروع مرسوم سوى في المهام بين الأساتذة الباحثين الواردة في المادة الرابعة، خاصة فيما يتعلق بتأطير الدكتوراه والمساهمة في لجان الامتحانات والمباريات، بل الاختلاف الوحيد هو الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة التي تعطي الأسبقية في إنجاز الدروس الرئيسية لأساتذة التعليم العالي.

وبحسب المتحدث ذاته ان المقتضيات الخاصة بكل إطار الواردة في الجزء الثاني من مشروع المرسوم لم تقم بإسناد مهام خاصة بكل إطار بخلاف مرسوم 1997 الذي فصل في مهام كل إطار وحصر الإشراف على أعمال البحث والرسائل والأطروحات والمساهمة في لجان الامتحانات والمناقشة والتأهيل الجامعي والمباريات لأساتذة التعليم العالي والأساتذة المؤهلين، وإعطاء الأسبقية للأساتذة المؤهلين على الأساتذة المساعدين في إلقاء الدروس الرئيسية.

رابعا: تجريد رئيس الشعبة من حق اقتراح توزيع الحصص التعليمية على رئيس المؤسسة الجامعية، بحيث أصبح رئيس المؤسسة هو الذي يحدد هذا التوزيع ويستشير رئيس الشعبة فيه.

خامسا: التعديل البارز الوارد في مشروع المرسوم هو شروط ولوج هيئة الأساتذة الباحثين، بحيث ميز المشروع بين نوعين الشروط:

الشروط المرتبطة بالمرشحين لمباراة توظيف الأساتذة المحاضرين، وحددها مشروع المرسوم في ثلاث شروط:

– أن لا يتجاوز المرشح من العمر 45 سنة في فاتح يناير من تاريخ إجراء المباراة

– أن يكون المرشح حاصل على شهادة الدكتوراه

– أن يكون مسجلا في اللائحة الوطنية المؤهلة لاجتياز مباريات توظيف أساتذة محاضرين وهذا الشرط الأخير يعني أن ليس كل من حصل شهادة الدكتوراه يمكن أن يجتاز مباراة ولوج مهنة أستاذ باحث، بحيث سوف يحدد نص تنظيمي شروط التسجيل في اللائحة الوطنية، وقد تكون شروط مرتبطة بالميزة والمهارات اللغوية وووو

وفيما يخص الشروط المرتبطة بالمرشحين لمباراة توظيف أستاذة التعليم العالي، يسترسل بنلياس فقد حددها مشروع المرسوم في أربعة شروط:

– ألا يتجاوز المرشح من العمر 55 سنة في فاتح يناير من تاريخ إجراء المباراة

– أن يتوفر على شهادة الدكتوراه أو ما يعادلها

– أن يتوفر على تجربة مهنية لا تقل عن 10سنوات في مجال البحث والتدريس والتأطير

– أن يكون مسجلا في اللائحة الوطنية المؤهلة لاجتياز مباريات توظيف أساتذة التعليم العالي

والتعيين مباشرة في إطار أستاذ التعليم العالي هومن المقتضيات الجديدة التي جاء بها مشروع المرسوم، والغاية منه حسب فلسفة الوزارة هي استقطاب الكفاءات العلمية التي تشتغل في مراكز البحث أو المختبرات الوطنية والأجنبية.

سادسا: بالنسبة لأنساق الترقي من رتبة إلى رتبة فإن المشروع حافظ على هذا النسق في الترقية الوارد في مرسوم 1997، ولكن تخلى مشروع المرسوم على الأنساق الثلاث التي كان معمولا بها في مرسوم 1997 الذي حددها في ثلاث أنساق وكل نسق له مدة معينة مع حصيص 20 في المائة وهي كالتالي:

– النسق الاستثنائي يرقى فيه الأستاذ بعد قضائه ستة سنوات في الدرجة

– النسق السريع يرقى فيه الأستاذ بعد قضائه سبع سنوات في الدرجة

– النسق العادي يرقى فيه الأستاذ بعد قضائه ثماني سنوات في الدرجة

وفي مشروع المرسوم الذي سيعرض على المجلس الحكومي للمصادق عليه فقد غير الحصيص ونظام الترقية، فالحصيص ارتفع إلى 40 في المائة بذل 20 في المائة، ونظام الترقية في الدرجة عوض الأنساق الثلاث، حيث يمكن أن نقول أن هذا المشروع حدد الترقية في الدرجة بالاختيار والترقية في الدرجة بالأقدمية،

بالنسبة للترقية بالاختيار فقد منح المشروع لأستاذ الباحث ثلاث فرص للترقية في الدرجة:

-الفرصة الأولى: اشترط فيها المشروع أن يكون المرشح قد قضى سنتين في الرتبة الثالثة في الدرجة، وهو ما يعني اشتراط قضائه ستة سنوات في الدرجة للترشح في الجدول السنوي للترقي للدرجة الموالية

– الفرصة الثانية: أن يكون الأستاذ الباحث قد قضى سبعة سنوات في الدرجة للتسجيل في جدول الترقي للدرجة الموالية

– الفرصة الثالثة: أن يكون قضى ثمانية سنوات في الدرجة للتسجيل في جدول الترقي للدرجة الموالية

وهذه الفرص مرتبطة بالحصيص المحدد في 40 في المائة، وهو ما يعني أن الأغلبية الساحقة من الأساتذة الباحثين محكوم عليها الترقي في الدرجة بالأقدمية بقضائها تسع سنوات في الدرجة، بحيث لن يستفيد ماديا من هذه الترقية إلا في السنة العاشرة.

واشار الدكتور بنلياس بالنسبة لتغيير الإطار من أستاذ محاضر إلى أستاذ محاضر مؤهل، ومن أستاذ محاضر مؤهل إلى أستاذ التعليم العالي، فإن مشروع المرسوم وإن لم يغير من السنوات المطلوبة لتغيير الإطار، وهي على التوالي أربعة سنوات للحصول على الأهلية بالنسبة لأستاذ المحاضر، أو أن يكون بلغ الرتبة الثالثة على الأقل من الدرجة أ من إطار الأساتذة المحاضرين بالنسبة للمتفرعين عن إطاري الأساتذة المساعدين وإطاري أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي والأساتذة المبرزين للتعليم الثانوي التأهيلي المتوفرين على الدرجة الثانية أو الدرجة الممتازة والذين زاولوا بصفة فعلية مهام تعليمية طوال مدة سنتين جامعيتين على الأقل بمؤسسة جامعية للتعليم العالي أو مؤسسة لتكوين الأطر العليا، وستة سنوات على الأقل من الخدمة الفعلية في إطار أستاذ محاضر مؤهل للتعيين في أطار أستاذ التعليم العالي.

ويبقى تحديد اللجنة العلمية المتخصصة التي تملك صلاحية دراسة الملفات البيداغوجية ومعايير تقييمها لتغيير الإطار بيد السلطة المركزية، والتي يمكن أن تشكل فيما إذا تحكم منطق تحميل الأستاذ إخفاقات منظومة التعليم العالي سدا سميكا في تطور المسار المهني للأستاذ الباحث.

وخلص المتحدث ذاته إلى ان هذه شذرات فقط من الغموض والعمومية والتراجع الذي جاءت في مشروع المرسوم، والتي تفرض على النقابة الوطنية للتعليم العالي التي وقعت على السلم الاجتماعي مع الحكومة التحرك من أجل ثني وزارة التعليم العالي على التريث في إصدار هذا المرسوم وعدم التسرع في تنزيل الإصلاح البيداغوجي، لأن إصلاح منظومة التعليم العالي تقوم على ثلاث أضلاع متكاملة، القانون المنظم للتعليم العالي والإصلاح البيداغوجي والنظام الأساسي للأساتذة الباحثين.

زر الذهاب إلى الأعلى