نزيف إفلاس الشركات المغربية في تصاعد مضطرد
يصارع العديد من الشباب والشابات في محاولة لإنقاذ شركاتهم من شبح الإفلاس الذي يهددها، ويتسلحون بالصبر والأمال والصمود كي لا ينتهي بهم المطاف إلى إقفال حلم مشاريعهم التي حلموا كثيرا لتحقيقها.
تقول “مروة” وهي مقاولة شابة بالرباط إنها بعد تجربة وخبرة مهنية قررت عام 2019 خوض غمار تأسيس شركة متخصصة في مجال الاتصال بالعاصمة، لتفاجأ بصعوبات وتحديات زاد من تعقيداتها وحدتها تداعيات الأزمة الصحية التي شهدها العالم منذ 2020 بسبب جائحة كورونا.
وبعد عودة الحياة إلى مجاريها ظل مصير شركة هذه الشابة معلقا، وباتت تبحث عن فرص وعروض للاستمرار لكنها بالكاد تستطيع الآن سداد واجباتها، وتقول “لا أربح من شركتي الكثير أنا على حافة الإفلاس لكنني أقاوم للبقاء على قيد الحياة في انتظار فرصة أقتنصها لأنطلق من جديد وأنجح”.
وفي هذا السياق، أعلن مكتب “أنفوريسك”عن توقف أنشطة أكثر من 6665 شركة في النصف الأول من السنة الجارية، بارتفاع ناهز 18 في المائة على أساس سنوي.
وتُفيد المعطيات الصادرة عن مكتب “أنفوريسك”، المتخصص في المعلومات القانون والمالية حول الشركات المغربية والمغاربية، بأن الربع الثاني من السنة الجارية سجل لوحده 2883 حالة إفلاس، بزيادة قدرها 6 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.
حصة الأسد، كما العادة، من الإفلاسات في النصف الأول من السنة الجارية سُجلت على مستوى المقاولات الصغرى بنسبة 98,8 في المائة، مقابل 1,1 في المائة لدى المقاولات المتوسطة.
وكان الإفلاس تربص العام الماضي بحوالي 12397 شركة مغربية، بزيادة 17.4 في المائة عن 2021. ويتوقع أن يبلغ الرقم مع نهاية 2023 رقماً قياسياً جديداً بنحو 15 ألف حالة، بحسب “أنفوريسك”.
ومن حيث القطاعات تضررت بشكل أكبر الشركات المشتغلة في التجارة إذ كانت حصتها من إجمالي الإفلاسات نحو 33 في المائة، فشركات العقار بحصة 20 في المائة، ثم البناء والأشغال العمومية بنسبة 15 في المائة.
وتصدرت الدار البيضاء قائمة المدن التي سجلت أكبر عدد من حالات الإفلاس إذ ناهزت حصتها 27 في المائة. وفي المرتبة الثانية جاءت الرباط بحصة 7 في المائة، ثم مراكش وطنجة بحصة 6 في المائة لكل واحدة منهما.
ويرجع ارتفاع حالات الإفلاس المسجلة في السنوات القليلة الماضية إلى آثار التضخم على أسعار المواد الأولية، وزيادة كلفة الإنتاج؛ ناهيك عن إشكالية طول آجال الأداء بين الشركات الخاصة التي تمتد لأشهر، إضافة إلى طول آجال الأداء من طرف الشركات العمومية حيث عاد المتوسط للارتفاع منذ بداية السنة الجارية ليصل في النصف الأول منها إلى 38,4 أيام، بعدما كان في حدود 33,9 أيام نهاية 2022.
وتعتمد “أنفوريسك” في إحصائيات حول إفلاس الشركات على مُعطيات المحاكم التجارية في المملكة التي تبت في قضايا الحل والتصفية، وهو الإجراء الأكثر استعمالاً رغم وجود مساطر أخرى ضمن مقتضيات صعوبات المقاولة في مدونة التجارة كما أن هذه الإحصائيات لا تدخل ضمنها الشركات التي تتوقف عن الاشتغال ولا تلجأ إلى القضاء لإعلان الإفلاس.