أخبار

رصد جملة من الخروقات خلال جلسة تم التوافق فيها على التصويت ضد الميزانية وتكريس ” البلوكاج” عوض الإنتصار للتنمية والإستثمار

ورؤساء يسقطون ميزانية المقاطعات التي أعدوها وصوتوا عليها بجماعة الرباط

“تمخض جبل فولد فأرا” مقولة مأثورة تنسحب على بعض مستشاري جماعة الرباط الذين خرجوا بعد ثلاثة أشهر من التجاذبات يهللون بإسقاط ميزانية ساكنة مدينة الرباط، متجاهلين عن قصد او غير قصد او هما معا، أن الهدف الأسمى من ميزانية المواطن هو تمكينه من استيعاب الطريقة التي يتم بها تحديد النفقات خاصة تلك المرتبطة بتمويل الخدمات العمومية المحلية وكذلك طريقة تحديد الموارد المتأتية من مصادر مختلفة، هذه الوثيقة تحتوي على مجموعة من المعطيات والأرقام تخص المداخيل التي تتوقع الجماعة أن تحصل عليها خلال سنة مالية كاملة، وكذا النفقات التي ستتحملها لتقديم الخدمات للمواطنين، مما يساعد على فهم وبشكل أفضل الخيارات والعراقيل التي تواجهها الجماعة وهذه الوثيقة هي التي تسمى” ميزانية المواطن” وليس ميزانية الرئيس او الرئيسة، للأسف هذه المقاربة الناجعة تم تغييبها بشكل كلي، وإعتماد أسلوب التوافق للتصويت ضد الميزانية، عوض التوافق كما تمليه الأعراف الديمقراطية للتصويت على الميزانية التي تهم إنتظارات ومصالح المواطن الرباطي، وذلك بسبب الصراعات السياسوية والمصالح الشخصية الضيقة، وهو ما يعكس بجلاء قمة الإستهتار بالمسؤولية.

وبالعودة إلى أشغال الجلسة الثالثة من دورة اكتوبر لجماعة الرباط التي ترأسها أمس الجمعة عزيز لميني النائب الأول للمجلس، والتي عرفت إرتباكا واضحا خلال بداية الجلسة، تعرض خلالها مدير المصالح للإهانة والسب والشتم بأقبح النعوت والعبارات النابية من طرف النائب الأول للمجلس بحضور شهود عيان من بينهم باشا منطقة التقدم واليوسفية، وهو ما يستدعي فتح تحقيق من قبل السلطات المختصة وترتيب الجزاءات القانونية ضد مرتكب هذا التصرف المرفوض.

كما عرفت الجلسة حنين بعض المستشارين إلى العهد البائد التي كانت تسود فيه الفوضى والتراشق بالكراسي خلال دورات المجلس المنقضية ولايته، وذلك من خلال تجييش ما يعرف ب “البلطجية” التي حضرت هذه الجلسة تحت غطاء جمعيات المجتمع المدني للتأثير على سير الجلسة العمومية، وتسميم أجوائها وهو ما يتنافى جملة وتفصيلا مع مبدأ الحفاظ على حرمة وهيبة المؤسسة الدستورية والتنافس الشريف في جو يسوده الإحترام المتبادل، والإختلاف البناء بعيدا عن الفوضى وتبادل السب والشتم التي إعتادت عليه هذه القاعة خلال المرحلة السابقة.

اما فيما يخص الشق القانوني فإن الجلسة شهدت عدة خروقات قانونية حيث أقدم النائب الأول والمستشارين الرافضين للميزانية على خرق مسطرة التصويت على أبواب الميزانية إضافة إلى عدم تعليل أسباب رفض الميزانية وتدوينها في محضر الدورة الرسمي.

لأن إعداد الميزانية هو مجرد اقتراح قابل للتعديل والتغيير ولا يصبح مشروعا نهائيا إلا بعد دراسة المجلس له والتصويت عليه، حيث يتم تقديم مشروع الميزانية بواسطة عرض يقدمه رئيس لجنة المالية والميزانية بالمجلس المنتخب ، يعطي خلفيات المشروع وحيثيات أرقامه ويوضح المراحل التي قطعها التحضير.

كما يفسر أسباب الزيادة أو النقصان بالمقارنة مع السنة الماضية سواء تعلق الأمر بالمداخيل أو مصاريف لأنه يكون قد شارك في إعداد الميزانية وتحضيرها منذ البداية حتى النهاية.

بإمكان المجلس المنتخب من الناحية المبدئية والقانونية أن يناقش مشروع الميزانية ويقدم اقتراحات جديدة، ثم بعد ذلك يتم التصويت على المداخيل قبل التصويت على النفقات ويتم هذا التصويت على كل باب على حدة، وهو الأمر الذي كان غائبا تمام الغياب خلال هذه الجلسة، غير ان ما يثير الإستغراب أن ميزانية سنة 2024 التي تم رفضها، هي نفس الميزانية التي تم التصويت عليها خلال السنة المنقضية اي( سنة 2023).

غير أن الطامة الكبرى التي تؤشر على قمة العبث في مجال التسيير والتدبير الجماعي هو رفض رؤساء المقاطعات التصويت على الميزانيات التي أعدوها وصوتوا عليها سلفا خلال الجلسة الثالثة للتصويت على ميزانية جماعة الرباط بإستثناء ثلاث مستشارين نزهاء الذين صوتوا لفائدة ميزانية مقاطعة أكدال.

بل التعليل الوحيد والأوحد الذي قدمه بعض المستشارين وليس كلهم، هو الرفض من أجل تحدي عمدة الرباط، ومعاقبتها على إغلاق صنابير الفساد، والإنتصار لخيار الإصلاح والتدبير المعقلن ومثل هذه السلوكات هي التي تساهم بشكل كبير في تراجع منسوب الثقة بين المواطن المغربي والقائمين على الشأن السياسي لأن أمناء أحزاب التحالف الثلاثي المكونة لمجلس جماعة الرباط يتفرجون على هذه المهزلة، وهناك من شرع في مساومة المقعد او مقايضته قبل شغوره، ناسيا أو متناسيا “أن الرباط عندو ماليه” او كما قال عبد المطلب بقولته المشهورة: “للبيت رب يمنعه ويحميه”، وهو ما يفاقم عدم رضى شريحة كبيرة من المجتمع عن إنجازات رجال السياسة، وتراجع مكانة الأحزاب، لدرجة غياب دورها في الوساطة بين الدولة والمجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى