Adds
أخبار

عبد الكبير اخشيشن: بعد 11 سنة من الرعاية الملكية… رسائل لاستخلاص العبر

الرباط: إدريس بنمسعود

عبر عبد الكبير اخشيشن رئيس النقابة الوطنية للصحافة عن إعتزازه وهو يشارك ثلة من الصحافيين إفطار رمضاني في بت الصحافة بطنجة مؤكدا بالقول: “نحتفل اليوم بذكرى مرور 11 سنة على التفاتة ملكية سامية تجاه بيت الصحافة بطنجة، حيث نجتمع في هذا الإفطار الرمضاني لنستحضر لحظة مميزة تعكس مدى العناية والاهتمام الملكي بالصحافيين والصحافيات. هذه المناسبة تدفعنا إلى التأمل في دلالات هذا الحدث التاريخي، واستخلاص العبر التي لا تزال تحمل راهنيتها في ظل التحديات التي تواجه مهنة الصحافة اليوم.

الرسالة الأولى: التقدير الملكي للإعلاميين

حظي بيت الصحافة برعايتين ملكيتين ساميتين، الأولى أثناء تشييده، حيث أولى جلالة الملك أهمية كبرى لضمان فضاء يليق بالصحافيين ويوفر لهم ولأسرهم خدمات اجتماعية ملائمة، وذلك تجسيدًا لقناعته الراسخة بدور الصحافة في بناء المجتمع. أما الثانية، فتمثلت في الزيارة الملكية لافتتاحه، حيث عكست اهتمام جلالته بالتفاصيل الدقيقة لهذا المشروع ورغبته في الاطلاع على أوضاع الصحافيين، تأكيدًا على إيمانه العميق برسالة الإعلام في تحقيق التنمية الشاملة.

الرسالة الثانية: الحاجة إلى استلهام الرؤية الملكية

بعد أكثر من عقد على هذه الالتفاتة، ومع التحولات السريعة التي شهدها قطاع الإعلام، يصبح من الضروري استحضار هذه الرؤية الملكية، ليس فقط كرمز تاريخي، ولكن كمنهجية عمل لمواجهة التحديات الراهنة. فالقطاع اليوم في حاجة إلى تجاوز العقبات المتعددة التي تعترض طريقه، والعمل على ترسيخ دور الصحافة كفاعل إيجابي في مسار التنمية الوطنية، لا أن تتحول إلى عنصر معرقل يبطئ المسيرة.

الرسالة الثالثة: مسؤولية الجميع في النهوض بالقطاع

إن تجاوز الوضع الحالي للإعلام لن يتحقق إلا عبر تحمل كل طرف لمسؤوليته بشجاعة ونكران ذات. فمسؤولية المؤسسات الإعلامية تكمن في الارتقاء بالمنتوج الإعلامي، واستقطاب الكفاءات، وتعزيز التكوين المستمر، واستثمار الإمكانيات المتاحة لتحسين جودة المحتوى. كما أن عليها توفير بيئة مهنية سليمة تضمن احترام أخلاقيات المهنة، وتحارب التفاهة، وتقدم بدائل مهنية راقية للجمهور، مساهمة بذلك في الرفع من الذوق العام.

أما المجلس الوطني للصحافة، فعليه أن يضطلع بدوره كتنظيم ذاتي يسهر على توفير إطار مهني متوازن، يمنع التجاوزات ويحمي حرية التعبير من أي تضييق غير مشروع، وفي الوقت ذاته يحد من أي ممارسات قد تسيء إلى سمعة المهنة. فالمجلس مطالب بأن يكون صمام أمان يضمن بيئة مهنية صحية، تقل فيها التوترات وتسود فيها روح الإصلاح المستمر، مع البحث عن حلول مبتكرة للأزمات التي تواجه الصحافة الوطنية.

وبدورها، تتحمل النقابة مسؤولية التأطير والتوجيه، من خلال تمكين الصحافيين من الأدوات اللازمة لفهم طبيعة مهنتهم، وتحفيزهم على اقتراح حلول بناءة، وتعزيز الحس المهني لديهم. كما أن دورها يمتد إلى الدفاع عن حقوق الصحافيين والترافع من أجل تحسين أوضاعهم، بما يضمن استقلالية المهنة وكرامتها، ويجعلها قادرة على أداء وظيفتها المجتمعية على أكمل وجه.

الرسالة الرابعة: ضرورة الإصلاح القانوني والتشريعي

إن أي إصلاح حقيقي للقطاع لا يمكن أن يتم دون تحمل الحكومة والبرلمان لمسؤوليتهما في وضع إطار قانوني متوازن، يحفظ الحقوق والواجبات، ويوفر بيئة محفزة للعمل الصحفي، تكون منفتحة دون أن تكون فوضوية، ومحصنة دون أن تكون مغلقة. فلا يمكن للصحافة أن تزدهر في بيئة غير مستقرة، ولا يمكنها أن تؤدي دورها في المجتمع إذا كانت أسيرة نصوص قانونية غير ملائمة أو ممارسات تضعف استقلاليتها.

الخاتمة: عودة الإعلام المسؤول لمواجهة التحديات

إننا اليوم أمام تحدٍّ كبير يتطلب منا جميعًا التفاعل بجدية مع هذا الواقع، والعمل على إعادة الاعتبار للإعلام المسؤول والحر، ليكون في صدارة القوى التي تواجه خطر التفاهة والمعلومات المضللة، وتعيد الثقة إلى المجتمع. فكما كان بيت الصحافة رمزًا للعناية الملكية بالصحافة، يجب أن يكون أيضًا رمزًا لإعلام قوي، مستقل، ومهني، قادر على الإسهام بفعالية في بناء مستقبل أفضل للوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى