رغم مختلف برامج الحكومة…. لازال ضعف التمكين الاقتصادي للنساء القرويات يكلّف الاقتصاد المغربي خسائر كبيرة
الرباط: نارمان بنمسعود
كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن النساء القرويات في المغرب ما زلن يواجهن تحديات متعددة تعيق إدماجهن في سوق العمل، أبرزها ضعف الولوج إلى التعليم، مما يحول دون اكتسابهن المهارات اللازمة للعمل، إلى جانب القيود الاجتماعية والثقافية التي تعيق تمكينهن اقتصاديًا.
جاء ذلك ضمن دراسة حديثة أعدتها المندوبية بتمويل من الاتحاد الأوروبي، حيث أكدت أن محدودية مشاركة النساء القرويات في النشاط الاقتصادي تؤدي إلى تفاقم الفقر واستمرار الفجوات الاجتماعية في الأوساط القروية، خاصة مع انتشار ظاهرة العمل غير المؤدى عنه بين هذه الفئة.
وأبرزت الدراسة الأثر الاقتصادي السلبي لهذا الوضع، مشيرة إلى أن نقص التمكين الاقتصادي للنساء في المناطق القروية تسبب في خسارة تعادل 2.2% من الناتج الداخلي الخام (PIB) عام 2019. كما سلطت الضوء على العوائق التي تحول دون استفادة النساء القرويات من الموارد والإمكانات المتاحة، مثل محدودية الوصول إلى المدخلات الزراعية بسبب الصور النمطية والأفكار السائدة حول أدوار الجنسين.
وأوصت المندوبية بضرورة الاستثمار في تعليم النساء القرويات، وتوفير فرص عمل مستدامة ولائقة لهن، بالإضافة إلى تحسين ولوجهن إلى الخدمات الأساسية. وأشارت إلى أن تعزيز مشاركتهن الاقتصادية لا يسهم فقط في النمو الاقتصادي، بل يساعد أيضًا في تقليص الفجوة بينهن وبين الرجال.
واستنادًا إلى معطيات إحصائية حديثة، أوضحت الدراسة أن 29.6% من نساء القرى تقل أعمارهن عن 14 عامًا، بينما تبلغ نسبة الفئة العمرية بين 15 و64 سنة حوالي 61.5%، فيما تزيد نسبة النساء القرويات اللواتي تفوق أعمارهن 65 سنة عن 9.5%، بعد أن كانت هذه النسبة في حدود 7.5% سنة 1994.
كما أبرزت البيانات أن متوسط سن الزواج لدى النساء القرويات بلغ 23 سنة في عام 2024، مقابل 25.6 سنة في 2010 و20.8 سنة في 1982، وهو معدل لا يزال أقل مقارنة بنظيره لدى النساء في المناطق الحضرية.
وفيما يتعلق بمعدل الخصوبة، سجلت الدراسة انخفاضًا ملحوظًا في عدد الأبناء لكل امرأة قروية، حيث بلغ 2.37 طفلًا في 2024، مقارنة بـ3.06 في 2010 و4.25 في تسعينيات القرن الماضي.
كما أشارت إلى أن نسبة النساء القرويات النشيطات ضمن الفئة العمرية 15-59 سنة لا تتجاوز 18.4% وفق إحصائيات الفصل الأول من سنة 2024، وهو ما يعكس التأثير السلبي للعوامل الاقتصادية والاجتماعية على انخراطهن في سوق العمل.
ومن بين التحديات الكبرى التي تواجه النساء القرويات في سوق الشغل، كشفت الدراسة أن 70.5% منهن يعملن في وظائف غير مؤدى عنها، كما أن 8 من كل 10 نساء نشيطات يشتغلن دون عقود عمل رسمية، وغالبًا ما تكون وظائفهن غير مستقرة أو ذات جودة متدنية.
أما فيما يخص الفئة العمرية بين 15 و29 سنة، فقد أفادت الدراسة بأن قرابة مليوني شابة قروية تصنّف ضمن فئة NEET، أي غير منخرطة في التعليم أو التكوين أو العمل، مما يزيد من تعقيد التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها هذه الفئة.
وبناءً على هذه المعطيات شددت المندوبية السامية للتخطيط على ضرورة تبني سياسات أكثر شمولية تستهدف تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء القرويات بهدف تحسين ظروفهن المعيشية، وتعزيز دورهن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب.