Adds
أخبار

المغرب وتوسع المناطق الصناعية .. تنمية اقتصادية أم حلول ظرفية للبطالة؟

المنطقة الصناعية عين الجوهرة نموذجاً

الرباط: إدريس بنمسعود

يشهد المغرب طفرة في إنشاء المناطق الصناعية ومناطق التسريع الصناعي، في خطوة تعكس توجه الحكومة نحو تعزيز البنية التحتية الصناعية بهدف دفع عجلة الاقتصاد ومواجهة تحديات البطالة. لكن رغم هذا التوسع، يبقى السؤال الأهم: هل تحقق هذه المشاريع التنمية المستدامة أم أنها مجرد استثمارات ظرفية لا تؤدي إلى تحول اقتصادي حقيقي؟

تروج الحكومة لهذا التوسع على أنه إستراتيجية وطنية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل، لكن هذه الطفرة تثير إشكالات أعمق تتعلق بجودة الوظائف المستحدثة، ومدى استدامتها، وتأثيرها الفعلي على الفئات الأكثر تضرراً من البطالة، خصوصاً الشباب وحاملي الشهادات.

فالمناطق الصناعية، رغم دورها في جذب الاستثمارات الأجنبية، غالباً ما تعتمد على وظائف ذات أجور منخفضة وشروط تشغيل قد لا تكون محفزة على المدى الطويل. كما أن تمركز هذه المشاريع في مناطق محددة من قبيل طنجة والدار البيضاء دون غيرها قد يعمق التفاوتات الجهوية، ما يجعل نجاحها مرهوناً بمدى تكاملها مع سياسات تنموية شاملة.

المنطقة الصناعية عين الجوهرة .. فرصة تنموية أم نموذج للمشاكل القائمة؟

تُعد المنطقة الصناعية عين الجوهرة بإقليم الخميسات واحدة من النماذج التي تعكس هذا التوجه التنموي، حيث تم إنشاؤها بهدف جذب الاستثمارات الصناعية والمساهمة في خلق فرص شغل لسكان المنطقة. ومع ذلك، يواجه المشروع تحديات حقيقية وتهميش ممنهج يتطلب مراجعة نقدية للسياسات المعتمدة.

رغم توفر المنطقة على مقومات جاذبة، مثل القرب من محاور الطرق الرئيسية وتوفر مساحات صناعية مؤهلة، إلا أن أثرها على التنمية المحلية لا يزال موضع تساؤل.

فالكثير من الاستثمارات الموجهة إلى هذه المنطقة لا توفر إلا فرص عمل ذات طابع مؤقت أو منخفض الأجر، كما أن نسبة توظيف اليد العاملة المحلية تظل محدودة مقارنة بحجم الاستثمارات.

من جهة أخرى، يطرح غياب البنية التحتية والخدمات المرافقة للمشاريع الصناعية مشكلة كبرى، حيث يعاني العمال من ضعف وسائل النقل، ونقص الخدمات الاجتماعية، الصحية، والسكنية مما يجعل فرص العمل المستحدثة غير كافية لتحفيز التنمية الحقيقية.

نحو نموذج صناعي أكثر استدامة

إذا كانت المناطق الصناعية، مثل عين الجوهرة، تُشكل رهاناً اقتصادياً مهماً للإقليم فإن نجاحها لا يجب أن يُقاس فقط بعدد الاستثمارات المستقطبة، بل بمدى قدرتها على تحقيق تحسن ملموس في مستوى عيش الساكنة المحلية، وخلق وظائف مستقرة بجودة مقبولة.

لذلك، من الضروري إعادة تقييم هذه المشاريع من خلال:

تحفيز الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية التي تخلق وظائف مستدامة بدلاً من اقتصارها على صناعات منخفضة التكلفة والأجور.

إدماج الساكنة المحلية في سوق العمل عبر توفير تكوينات مهنية تتناسب مع حاجيات الصناعات الموجودة.

تحسين البنية التحتية والخدمات الاجتماعية لضمان استدامة هذه المناطق كمحركات حقيقية للتنمية.

في النهاية يبقى التساؤل مفتوحاً: هل ستتحول المنطقة الصناعية عين الجوهرة إلى نموذج تنموي ناجح، أم ستظل مجرد مشروع اقتصادي محدود التأثير، محكوم بنفس الإشكالات التي تعاني منها باقي المناطق الصناعية في المغرب؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى