الرباط: حكيمة أحاجو
يُظهر التباطؤ في الطلب الداخلي خلال الفصل الرابع من سنة 2024 تحولًا مقلقًا في دينامية الاقتصاد الوطني. فمع تراجع معدل نمو نفقات الاستهلاك النهائي للأسر من 5,1% إلى 4,1%، برز ضعف واضح في أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي، مما انعكس على المساهمة في الناتج الداخلي الإجمالي التي تقلصت من 3,2 نقطة إلى 2,6 نقطة.
ورغم أن إجمالي تكوين الاستثمار لا يزال يحافظ على معدلات نمو إيجابية بنسبة 15,3%، إلا أن تباطؤه مقارنة بالسنة السابقة (16,6%) يشير إلى إمكانية حدوث تباطؤ أعمق مستقبلاً. وفي المقابل، شهدت نفقات الاستهلاك النهائي للإدارات العمومية تحسنًا طفيفًا، إلا أن تأثيرها على النمو لا يزال محدودًا.
أما المبادلات الخارجية، فقد واصلت الضغط السلبي على الاقتصاد، حيث ارتفعت الواردات بنسبة 15,6% مقارنة بـ12,5%، ما أدى إلى مساهمة سلبية أعمق في النمو. وعلى الرغم من تحسن الصادرات، إلا أنها لم تكن كافية لتعويض العجز التجاري، مما أبقى مساهمة المبادلات الخارجية في النمو عند مستوى سلبي بلغ 5,2 نقطة.
وفي ظل هذه المؤشرات، يبقى السؤال مطروحًا: هل هذا التباطؤ مؤشر على أزمة قادمة، أم مجرد تباطؤ مؤقت في ظل تذبذبات الاقتصاد العالمي؟
وفي ذات السياق، لعل أحد أبرز المخاوف المطروحة يتمثل في الحاجة المتزايدة لتمويل الاقتصاد الوطني، حيث ارتفعت هذه الحاجة من 1,4% إلى 3,2% من الناتج الداخلي الإجمالي. هذا التوجه يعكس اتساع الفجوة بين الادخار الوطني، الذي استقر عند 28,8% من الناتج الداخلي الإجمالي، وإجمالي الاستثمار، الذي ارتفع إلى 32%.
كما أن تباطؤ نمو إجمالي الدخل الوطني المتاح من 8,7% إلى 5,8% يُشكل تحديًا إضافيًا، خاصة في ظل استمرار ارتفاع الأسعار بنسبة 2,5%، ما قد يؤدي إلى ضعف القدرة الشرائية للأسر وزيادة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.
وفي ظل هذه التطورات تبرز الحاجة الملحة إلى سياسات اقتصادية أكثر فعالية، تركز على تحفيز الاستهلاك والاستثمار الداخلي، وتعزيز تنافسية الصادرات لتقليل العجز التجاري. فهل ستتمكن الحكومة من إعادة توجيه الاقتصاد نحو مسار أكثر استقرارًا، أم أن التباطؤ الحالي قد يكون بداية لمرحلة أكثر تعقيدًا؟