الرباط: إستثمار
يشكل اللقاء الذي جمع وزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل المغربي يونس السكوري مع المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، فرصة دبلوماسية واقتصادية ذات أبعاد استراتيجية للمغرب، خصوصًا في سياق التحولات العالمية المتسارعة في ميدان التجارة والاستثمار.
من أبرز النقاط الإيجابية التي حملها هذا اللقاء هو التأكيد على التقدم الاقتصادي المغربي، خاصة في ظل إشادة المديرة العامة للمنظمة بجهود المملكة في دعم التأسيس الأولي لمنظمة التجارة العالمية عبر اتفاق مراكش. هذه الإشادة لا تعزز فقط صورة المغرب الدولية، بل تؤكد أيضاً حضوره كفاعل ملتزم ومتفاعل في المنظومة الاقتصادية العالمية.
غير أن التركيز على قانون الإضراب رغم أهميته في تأطير العلاقة بين الشغل والنشاط النقابي، لا ينبغي أن يُعالج بمنطق التباهي، بقدر ما يجب أن يُقدم كجزء من مسار إصلاحي أشمل مرتبط بتحقيق التوازن بين الحقوق الاجتماعية والتنافسية الاقتصادية. فانتظار 60 سنة لإخراج هذا القانون إلى الوجود يعكس بطئًا مؤسساتيًا كان من الضروري تجاوزه منذ زمن.
أما فيما يخص مستقبل التجارة الدولية وعلاقته بالتشغيل، فإن النقاش لا ينبغي أن يبقى محصورًا في نطاق البروتوكولات الدبلوماسية، بل يجب أن يتوسع إلى مساءلة السياسات الوطنية ومدى جاهزيتها لمواكبة التحولات الرقمية، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، والتحديات الجيوسياسية الراهنة التي تؤثر على سلاسل التوريد العالمية. فالتشغيل لا يرتبط فقط بحجم الاستثمار، بل أيضًا بجودته واستدامته ومواكبته للكفاءات الوطنية.
أخيرًا إن وصف العلاقة بين المغرب ومنظمة التجارة العالمية بـ”الممتازة” هو توصيف دبلوماسي محض، لكنه يستوجب تدعيمًا بمعطيات ملموسة من قبيل نسب اندماج الاقتصاد المغربي في سلاسل القيمة العالمية، وتأثير الاتفاقيات التجارية على سوق الشغل الوطنية، وخاصة على فئة الشباب والخريجين الجدد.
جدير بالذكر ان اللقاء بين السيد السكوري والمديرة العامة للمنظمة كان خطوة مهمة نحو تعزيز الحضور المغربي دوليًا، لكنه يفتح أيضًا بابًا للنقاش العميق حول جدوى السياسات الاقتصادية والاجتماعية في علاقتها بالتحولات العالمية ومدى قدرتها على إحداث أثر مباشر ومستدام في سوق الشغل المغربي.