Adds
أخبار

“اقتصاد المعرفة: كيف تتحوّل الأفكار إلى ثروات تتفوق على النفط والثروات النفيسة في العالم!”

الرباط: إستثمار

في عالم يسابق الزمن نحو الابتكار لم تعد المصانع أو الموارد الطبيعية وحدها تقود قاطرة التنمية. بل أصبح الوقود الجديد للاقتصاد هو المعرفة، والعقول هي مناجم الذهب الحديثة.

لم يعد “اقتصاد المعرفة” مجرد مصطلح في الكتب، بل تحوّل إلى واقع يُغيّر وجه العالم. إنه نموذج اقتصادي يقوم على استخراج القيمة من الفكر، حيث تتحول الأبحاث والابتكارات إلى منتجات وخدمات تخلق فرص عمل، وتدفع النمو، وتحسّن مستوى المعيشة.

في الدول المتقدمة لم تعد ثروة الأمم تقاس بعدد المصانع أو مساحة الأراضي، بل بعدد العقول القادرة على الإبداع. فالاستثمار في التعليم، والبحث العلمي، والملكية الفكرية مكّن هذه الدول من بناء أنظمة مرنة وسريعة التكيّف، تتغذى على التكنولوجيا وتتنفس ابتكاراً.

في المقابل لا تزال العديد من الاقتصادات النامية من بينها المغرب اي بلدنا العزيز، تعتمد على الصناعات التقليدية، بينما العالم يتحرك بخطى سريعة نحو اقتصاد رقمي قائم على الإبداع والبيانات. وهنا يصبح الاستثمار في البشر، لا الحجر، هو الطريق الحقيقي للتنمية.

اقتصاد المعرفة يخلق بيئة خصبة لنمو الابتكار. فبراءات الاختراع، والملكية الفكرية، والأفكار الخلاقة، تتحول إلى أصول سوقية تدر أرباحًا ضخمة. العلماء، الباحثون، والمبرمجون، ورواد الأعمال، هم نجوم هذا الاقتصاد، ومحركاته الأساسية.

ومع تزايد الترابط بين الدول أصبحت المعرفة سلعة استراتيجية، تتنقل عبر الحدود وتعيد تشكيل موازين القوى الاقتصادية.

رغم أن الأصول المعرفية لا تظهر غالبًا في الميزانيات العمومية للشركات، إلا أن أثرها في الإنتاج والتنافسية حقيقي وملموس.

فاقتصاد المعرفة يعلي من قيمة التعليم، ويركز على التخصصات الدقيقة، ويضع الإنسان الماهر في صدارة مشهد الإنتاج.

يُقيّم البنك الدولي جاهزية الدول لهذا التحول من خلال أربعة ركائز أساسية:

1. مؤسسات تشجع على ريادة الأعمال وتثمّن المعرفة.

2. تعليم متطور يُنتج كفاءات عالية.

3. وصول شامل للتقنيات الحديثة والاتصال الرقمي.

4. بيئة ابتكار تشمل الجامعات، الشركات والمجتمع المدني.

تطبيقات اقتصاد المعرفة لا حصر لها: من تحسين الرعاية الصحية والتعليم إلى تطوير الزراعة والصناعة عبر الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.

ففي عام 2023 فقط بلغ حجم سوق الملكية الفكرية في الولايات المتحدة أكثر من 62 مليار دولار، بينما تخطى سوق مؤسسات التعليم العالي 818 مليار دولار.

هذه الأرقام تروي قصة تحول حقيقي: حيث تصبح الفكرة الواحدة أغلى من برميل النفط، والمعلومة الدقيقة أهم من المناجم.

ولا يكتمل بناء اقتصاد المعرفة دون تبني مهارات المستقبل: التفكير النقدي، التعاون، والاتصال الفعال. ولهذا طوّر البنك الدولي مؤشرًا خاصًا لقياس مدى تقدم الدول نحو هذا النموذج الاقتصادي الحديث.

إنه ليس خيارًا ترفيهيًا بل ضرورة للبقاء في عالم تتغير فيه قواعد اللعبة. فبينما تتراجع أهمية الموارد التقليدية، تتصاعد مكانة الأفكار التي تصنع الفرق، والعقول التي تقود المستقبل.

اقتصاد المعرفة هو حيث تتحول الفكرة إلى قوة، والبحث إلى سيادة والتعليم إلى ثروة لا تنضب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى