أسعار النفط تنهار… والمحروقات في المغرب باقية على عرش الغلاء!
الرباط: إدريس بنمسعود
رغم التراجع الحاد في أسعار النفط عالمياً، في أول هبوط بهذا الحجم منذ أبريل 2021، ما زالت أسعار المحروقات في المغرب ترفض النزول من عليائها، وكأنها بمنأى عن تقلبات السوق الدولية. هذا الانفصام بين السوق العالمية والمحلية يضع علامات استفهام كبيرة حول شفافية تسعير الوقود في البلاد، ومدى استفادة المواطن من هذه التحولات.
ففي الوقت الذي تنفس فيه المستهلك العالمي الصعداء، ظل المغربي يرقب بشيء من الإحباط لوحات الأسعار في محطات الوقود التي لم تبارح مستوياتها المرتفعة، ما يضيف عبئاً جديداً على الأسر، خاصة ذات الدخل المحدود التي تتآكل قدرتها الشرائية يوماً بعد آخر.
ويثير هذا الوضع تساؤلات ملحة حول نجاعة سياسات تحرير الأسعار، في ظل ما يعتبره كثيرون هيمنة قلة من الفاعلين على سوق المحروقات، ما يُفرغ المنافسة من مضمونها ويحوّل التقلبات الدولية إلى مجرد أرقام لا تصل إلى جيب المواطن.
في غياب إجراءات حازمة وتدخلات لتنظيم السوق وضمان العدالة السعرية، يبقى الخوف قائماً من أن يتحول استقرار الأسعار داخلياً إلى عنوان لجمود اقتصادي واجتماعي، لا يعكس الواقع العالمي ولا يرحم جيوب المغاربة.
في هذا السياق، يعتبر الخبير الاقتصادي يوسف العلوي أن “الفجوة بين أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية وبين أثمان المحروقات في محطات الوقود بالمغرب تُظهر خللاً واضحاً في آليات نقل الانخفاضات إلى المستهلك”، مشيراً إلى أن “غياب سقف للربح وهامش تقنين واضح، يسمح للفاعلين بالتحكم في الأسعار بشكل غير شفاف”.
من جهته، يؤكد الباحث في السياسات الطاقية هشام بناني أن “تحرير سوق المحروقات كان من المفترض أن يُفضي إلى منافسة حقيقية، لكن ما حدث هو العكس تماماً، إذ تحولت السوق إلى شبه احتكار مقنع تتحكم فيه شركات معدودة”، مضيفاً أن “الاستفادة من تقلبات السوق الدولية لا تصل إلى المواطن المغربي، بل تظل محصورة في حلقات التوزيع والتخزين”.
أما الخبيرة في الشأن الاجتماعي سميرة أيت الرايس، فترى أن “استمرار أسعار المحروقات في مستويات مرتفعة رغم التراجع العالمي قد تكون له تداعيات اجتماعية خطيرة، خصوصاً على الطبقة الوسطى والهشة، إذ أن ارتفاع كلفة النقل ينعكس بشكل مباشر على أسعار المواد الأساسية”، محذّرة من أن “غياب تدخل حكومي واضح لحماية القدرة الشرائية قد يذكي موجات من الاحتقان الاجتماعي”.
أمام هذا المشهد، يُطرح السؤال بحدة: هل تظل الحكومة مكتوفة الأيدي، أم أن الوقت قد حان لفتح ملف المحروقات بجرأة، وإعادة ضبط بوصلة العدالة السعرية بما يضمن توازناً بين مصالح الدولة، أرباح الشركات، وقدرة المواطن على الاستمرار؟