خارطة طريق جديدة برئاسة لفتيت لتسريع تنزيل الجهوية المتقدمة بالمغرب
الرباط: إدريس بنمسعود
في سياق التوجهات الاستراتيجية للدولة نحو تعزيز حكامة محلية فعالة ترأس وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت يوم الجمعة بالرباط اجتماعاً دورياً خصص لمتابعة تنفيذ ورش الجهوية المتقدمة. هذا اللقاء الذي حضرته رئيسة جمعية جهات المغرب إلى جانب ولاة ورؤساء مجالس الجهات، شكّل محطة مفصلية في مسار التنزيل الفعلي لهذا الورش الدستوري، الذي لا يزال يواجه تحديات التفعيل على أرض الواقع، رغم مرور أكثر من عقد على إقراره.
الاجتماع لم يكن روتينياً أو شكلياً بل جاء محمّلاً بدلالات سياسية وإدارية، خاصة وأنه تم خلاله تقديم مشروع خارطة طريق جديدة تهدف إلى إعادة هيكلة مسار تنزيل الجهوية، وذلك انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية الواردة في الرسالة التي وُجهت إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية حول الجهوية المتقدمة، المنعقدة بمدينة طنجة في دجنبر 2024.
من التشخيص إلى التفعيل: إرادة سياسية تتجدد
مشروع خارطة الطريق حسب بلاغ وزارة الداخلية يسعى إلى مأسسة مخرجات المناظرة وتحديد آليات عملية لتنفيذها، انطلاقاً من مرجعية التوجيهات الملكية والاتفاقيات الأربع التي وُقّعت على هامش المناظرة.
وهذا يعكس وجود إرادة سياسية متجددة لتحريك عجلة الجهوية المتقدمة خصوصاً بعد سنوات من التردد والبطء الإداري الذي غالباً ما عرقل الانتقال من التصور المركزي إلى ممارسة جهوية فاعلة.
التحديات البنيوية والرهانات المؤسساتية
غير أن تنزيل الجهوية لا يرتبط فقط بإعداد خرائط طريق أو توقيع اتفاقيات، بل يتطلب إصلاحاً عميقاً للبنية المؤسساتية والمالية للجهات.
فضعف الموارد وتداخل الصلاحيات بين الدولة والجهات، واستمرار النزعة المركزية في تدبير الملفات الحيوية، كلها عوامل تُفرمل المضي في هذا الورش كما خُطط له دستورياً.
وهنا تبرز أهمية أن تتجاوز خارطة الطريق المقترحة مجرد التوصيات النظرية، وأن تتضمن آليات واضحة للتمويل، والتتبع، والمساءلة.
توافق سياسي ومجتمعي ضروري
البلاغ أشار إلى توافق مبدئي بين الفاعلين الحاضرين حول مضامين خارطة الطريق، مع الالتزام بعرضها لاحقاً على باقي الشركاء.
غير أن هذا التوافق، لكي يتحول إلى نتائج ملموسة، يحتاج إلى انخراط حقيقي من مختلف الفاعلين، من منتخبين، وإدارة ترابية، وفاعلين اقتصاديين ومجتمع مدني، لضمان نجاعة التنفيذ.
في انتظار الترجمة الميدانية
في النهاية، لا يمكن فصل هذا الاجتماع عن السياق الوطني العام الذي يشهد تحولات اجتماعية واقتصادية متسارعة، تستدعي تمكين الجهات من لعب دورها كاملاً في التنمية.
والرهان الأكبر اليوم هو الانتقال من منطق الشعارات إلى ممارسة فعلية للجهوية تجعل من الجهة فاعلاً مركزياً في السياسات العمومية وليس مجرد منفذ لتعليمات مركزية.
خارطة الطريق الجديدة إن تم تنفيذها بالشكل المأمول، قد تكون البداية الحقيقية لتحول نوعي في العلاقة بين الدولة والجهات بما يضمن توزيعاً عادلاً للسلطة والثروة، ويعزز ثقة المواطن في المؤسسات الترابية.