Adds
أخبار

هل تحوّل مشروع مراكز المراقبة التقنية إلى صفقة مشبوهة؟

ملف شائك يُحرج وزارة النقل… فمن يحاسب “نارسا”؟

الرباط: إدريس بنمسعود

هل نحن أمام نموذج جديد من “الصفقات المغلقة” التي تُدار خلف الكواليس؟ سؤال بات مطروحًا بإلحاح بعد الغموض الذي يلف مصير طلب العروض الذي أطلقته الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا) في يناير 2024 لفتح 174 مركزًا جديدًا للمراقبة التقنية.

المرشحون الذين استجابوا لدفتر التحملات وراكموا استثمارات بملايين الدراهم، وجدوا أنفسهم في دوامة الانتظار واللاوضوح. ففي الوقت الذي كان يُرتقب أن يُفضي اجتماع لجنة الاستثمار داخل “نارسا” يوم 26 مارس إلى قرارات واضحة، مرّ الاجتماع دون أي بلاغ رسمي، أو توضيحات بخصوص مخرجاته، ما فتح الباب على مصراعيه لتأويلات تتراوح بين الإلغاء الصامت للمشروع، وإعادة إطلاقه في ظروف مثيرة للريبة.

استثمارات ضخمة على حافة الهاوية

أكثر من 460 مرشحًا، ضمنهم مغاربة العالم، استثمروا في تجهيزات، كراء محلات، تهيئة مراكز وفق المعايير، بل حتى شراء عقارات خاصة بالمشروع. بعضهم أنفق أكثر من 3 ملايين درهم، دون أن يحصل على أي ضمان من “نارسا”، بل حتى دون بند قانوني ينص على تعويض في حال الإلغاء. فهل كانت هذه التكاليف مجرد فخ قانوني لتصفية المنافسة؟

دفتر تحملات مثير للجدل

الوثيقة المرجعية للمشروع طرحت بدورها علامات استفهام: كيف تم توسيع نطاق فتح المراكز من المدن إلى مستوى العمالات والأقاليم، مما قد يخلق تركزًا غير متوازن؟ ولماذا تم التخلي عن معايير تقنية أساسية مثل إلزامية شهادة ISO 17020، والتشغيل الدائم لمهندسين، وأنظمة تدبير الانتظار؟ وهل نحن بصدد تهيئة “أرضية رخوة” لفائدة فئة معيّنة على حساب مبدأ تكافؤ الفرص؟

وزارة النقل… صمت يثير الشبهات

المثير في هذا الملف أن وزارة النقل، رغم كل الجدل، لم تُصدر أي موقف رسمي، ولم تُقدّم توضيحات للرأي العام أو للمرشحين المتضررين. فهل الوزير على علم بحيثيات ما يجري؟ وإذا كان يعلم، فهل يتواطأ بالصمت؟ أم أنه مغلوب على أمره أمام هيمنة تقنوقراطية داخل “نارسا” باتت تتصرف بمنطق فوق المحاسبة؟

القضاء لا يُنصف… والمرشحون يلوّحون بالتصعيد

محاولات الطعن القانونية التي لجأت إليها بعض الشبكات المهنية تم رفضها إما لأسباب شكلية أو لعدم البت في جوهرها بعد. وفي المقابل، بدأ الحديث يتزايد عن إمكانية اللجوء إلى المحاكم الإدارية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار، بل إن البعض هدّد برفع دعاوى ضد الدولة نفسها، في سابقة قد تُشكّل امتحانًا حقيقيًا لمصداقية المؤسسات.

في انتظار الحقيقة… من يُنقذ ما تبقّى من الثقة؟

الملف لم يعد تقنيًا فقط، بل أصبح سياسيًا واقتصاديًا بامتياز. إنه امتحان شفاف للدولة: هل تحترم التزاماتها وتحمي الاستثمار؟ أم تُعلي كفة المحسوبية على مبدأ القانون؟ ومتى سيتم كشف حقيقة ما جرى في كواليس اجتماع 26 مارس؟

أسئلة معلّقة تنتظر أجوبة… في بلد يرفع شعار الحكامة، بينما تُدار بعض الملفات بمنطق “العتمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى