Adds
أخبار

فضيحة تربوية – عقارية؟ هدم “ثانوية المحيط” بالرباط يجر وزير التعليم إلى المساءلة

الرباط: إدريس بنمسعود

في خطوة تثير الكثير من الريبة والغضب، يواجه قطاع التعليم العمومي في المغرب فضيحة جديدة، بعد تداول أنباء عن هدم وتفويت ثانوية “المحيط” العمومية بالعاصمة الرباط لفائدة منعش عقاري خاص، من أجل إقامة مركز تجاري فاخر في موقع استراتيجي تتجاوز قيمته مليارات السنتيمات.

هذا المستجد المثير دفع النائبة البرلمانية نادية التهامي عن حزب التقدم والاشتراكية إلى توجيه سؤال كتابي مستعجل إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، مطالبة بتوضيحات رسمية حول هذه الواقعة التي تضع الدولة أمام تساؤل وجودي: هل ما زال التعليم أولوية أم أنه صار مجرد وعاء عقاري مفتوح للمضاربات؟

ما حدث في حي سانية غربية، حيث شملت عملية الهدم عشرات المنازل ثم توسعت لتطال مؤسسة تعليمية بكامل تجهيزاتها، وسكنياتها الوظيفية، ومرافقها الإدارية، يكشف عن منطق جديد في تدبير الفضاءات العمومية: منطق الربح لا منطق الخدمة العمومية.

ولا يمكن أن يمر تفويت عقار بحمولة رمزية، تربوية، واجتماعية مثل ثانوية “المحيط”، دون طرح تساؤلات مشروعة حول من سمح؟ ولماذا؟ ولصالح من؟

الأخطر من ذلك هو الصمت الرسمي الغريب، وغياب أي توضيحات من الجهات المعنية التي هي “الوزارة” وكأن الأمر يتعلق بتفويت قطعة أرضية مهجورة لا بمؤسسة تعليمية كانت تؤطر مئات التلاميذ والتلميذات.

التعليم يُهدم والمولات تُبنى: أي نموذج تنموي نتطلع إليه؟

ما يُثير القلق أكثر هو السياق الذي يأتي فيه هذا “التفويت” المزعوم: سياق يتحدث فيه الجميع عن تردي التعليم العمومي، وعن الحاجة إلى إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية، بينما على أرض الواقع يتم تجريفها وتحويلها إلى فرص عقارية.

فهل أصبحت الأراضي التابعة لقطاع التعليم أصلًا عقاريًا يُدبَّر بمنطق السوق، عوض أن تكون رأسمالًا رمزياً في خدمة المصلحة العامة؟ وهل يعقل أن تُهدم مؤسسات تعليمية، في وقت تعاني فيه أحياء كثيرة من خصاص مهول في البنيات التربوية؟

صمت سياسي يُغذي الشكوك

الأكثر استفزازاً هو غياب أي موقف واضح أو تحرك حازم من باقي الفرق البرلمانية، وكأن التعليم العمومي ليس من أولوياتهم السياسية، أو كأن ملف تفويت العقارات العمومية أصبح منطقة محرّمة لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها.

إذا كانت هذه الأخبار صحيحة، فنحن أمام جريمة سياسية لا تقل خطورة عن أي ملف فساد مالي، لأنها تعبث برمز المدرسة العمومية، وبالقيم التي يُفترض أن تدافع عنها الدولة.

فهل يتجرأ الوزير على كشف الحقيقة كاملة؟
أم أن المول سيفتح أبوابه قبل أن نتلقى جوابًا رسميًا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى