Adds
أخبار

تشونغ جو يونغ.. من فلاح إلى مؤسس ومدير لمجموعة “هيونداي”

تشونغ جو يونغ رجل أعمال كوري جنوبي، ولد عام 1915، وتوفي عام 2001، يعد من الرائدين في صناعة السيارات والأعمال في بلاده. أسس شركة هيونداي عام 1967 وقادها لتصبح واحدة من كبرى شركات تصنيع السيارات في العالم.

لعب تشونغ دورا كبيرا في تطوير الاقتصاد الكوري الجنوبي، بحيث أسهمت شركته في تعزيز الصناعة وتوفير فرص العمل للعديد من الكوريين الجنوبيين، مما جعله شخصية مؤثرة في عالم الأعمال.

وتحت قيادته تنوعت مجموعة هيونداي لتشمل العديد من الصناعات من السيارات والبناء والإلكترونيات، وبعد وفاته ترك إرثا طويلا استمر عقودا طويلة، يتمثل في شركة هيونداي العالمية.

المولد والنشأة
ولد تشونغ جو يونغ يوم 25 نوفمبر 1915 في مدينة تونغتشون (تقع حاليا في مقاطعة كانغوون في كوريا الشمالية).

ونشأ الابن الأكبر من بين 7 أطفال في كنف عائلة فلاحية بسيطة تتخذ من الزراعة مصدر رزق لها.

الدراسة والتكوين
تلقى تشونغ جو يونغ تعليمه الابتدائي، وتولى في الوقت نفسه إدارة مزرعة العائلة، وقد أراد والده أن يجعل منه مزارعا مثله، لكن الابن كان يطمح منذ طفولته إلى أن يصبح مدرسا.

إلا أن بيئته “المقيدة” في ذلك الوقت، فرضت عليه الابتعاد كليا عن فرص التعليم العالي، وعلى الرغم من ذلك التحق بمدرسة كونفوشيوسية محلية يديرها جده، قبل أن يسافر وينغمس في التجارة والأعمال.

تشونغ جو يونغ كان يهرب باستمرار من مزرعة أبيه ثم يعيده والده غصبا عنه
محاولات للهروب من الفقر
أثارت أجواء المدن الصاخبة والمقالات التي ظل يقرؤها في الصحف بين الفينة والأخرى، والتي تحدثت عن فرص العمل المتوفرة في المدن، مخيلة تشونغ جو يونغ، فحاول الهرب عدة مرات من قريته، لكن والده كان يتبعه في كل مرة ويعيده للعمل في المزرعة.

في سن الـ16، حاول تشونغ الهروب مرة أخرى من الحياة الزراعية التي كان يعيشها في البادية، وقرر السفر برفقة صديق له إلى إحدى المدن في رحلة محفوفة بالمخاطر بلغ طولها 15 ميلا.

وفور وصولهما إلى هناك عمِلا في مجال البناء لساعات طويلة في اليوم مقابل أجر زهيد، وبعد مرور شهرين فقط علم والده بمكانه فلحقه وأرجعه إلى القرية.

أثناء وجوده ببيت عائلته، أدرك تشونغ شغفه بالهندسة المدنية وتولّد لديه الشعور برسم طريق النجاح، فابتكر خطة هروب ثانية، هذه المرة كانت الوجهة نحو مدينة هانسونغ (سول حاليا)، فغادر برفقة اثنين من رفاقه في أبريل 1933 في رحلة انتهت بالفشل هي الأخرى، بعدما خدعهم شخص غريب وعدهم بفرص عمل، لكنه بدلا من ذلك أخذ كل أموالهم.

وجد تشونغ نفسه مرة أخرى في قريته الأم، حيث مكث عاما جديدا في مساعدة والده في أعمال المزرعة، وبعد أن أتم كل واجباته تجاه العائلة، قدر تشونغ أن الوقت قد حان لمحاولة هروب ثالثة للخروج من الفقر الذي ظل يطارده، فتمكن من الحصول على تذكرة قطار بعد أن وافق والده على بيع إحدى أبقاره.

وفور وصوله إلى هانسونغ (سول)، سجل تشونغ نفسه في مدرسة محلية ليدرس المحاسبة، على أمل أن يبدأ مشواره المهني محاسبا، لكنه تفاجأ بعد شهرين بحضور والده، الذي أعاده إلى قريته مرة أخرى.

 

سيارة هيونداي هاتشباك إكسيل عام 1987 أنتجتها شركة هيونداي موتورز (غيتي)

من عامل إلى تاجر أرز
عام 1933 عندما كان عمره 18 عاما، قرر تشونغ جو يونغ القيام بمحاولة هروب رابعة، وغادر في ظلمة الليل برفقة صديق له كان يحاول الهروب من زواج قسري حينها، فكانت وِجهته للمدينة نفسها هانسونغ، باعتبارها توفر فرص عمل كبيرة آنذاك، وفي طريقه عمل في مزرعة وحمل الحجر والخشب إلى موقع البناء الجديد لكلية بوسونغ (جامعة كوريا الحالية) في أنام دونغ.

واصل تشونغ سيره نحو المدينة، وحاول أثناء وصوله ممارسة أي عمل كيفما كان، بسبب صعوبة وضعه المادي، فاشتغل في البداية بشحن وتفريغ السفن في ميناء جينسن (إنتشون حاليا) شمال غربي كوريا الجنوبية، وعمل في مصنع لشراب النشا.

بعد العمل في مصنع الشراب عاما تقريبا، تمكن تشونغ من الحصول على وظيفة عامل توصيل في متجر للأرز، مما أفسح له المجال للتقدم أكثر، حيث سمحت له وظيفته الجديدة بتعلم طريقة ركوب الدراجة وكيفية القيام بموازنة أكياس الأرز عليها، حتى أصبح في غضون بضعة أشهر بفضل مهارته أفضل رجل توصيل في المتجر.

حصل تشونغ بفضل جُهده على ثقة المالك، فكلفه بإدارة محاسبة المتجر بعد 6 أشهر فقط من العمل، وساعدته خبرته محاسبا لمتجر الأرز على تطوير مهاراته بشكل كامل، وارتقى بذلك راتبه من 12 كيسا من الأرز إلى 20 كيسا في السنة، فكتب رسالة إلى والده، الذي قيل إنه فوجئ بنجاح ابنه.

عام 1937، مرض صاحب متجر الأرز وقرر تنصيب تشونغ لتولي إدارة شؤونه، وبعد مدة حقق المتجر أرباحا جيدة على يده، إلى حدود 1939 بعدما فرضت اليابان -في إطار جهودها الحربية لتأمين إمدادات الأرز للبلاد ولجيشها- نظاما صارما لتقنين الأرز (الفترة التي خضعت فيها كوريا للحكم الياباني).

أجبر هذا النظام الشركات الكورية على التوقف عن تجارة الأرز، فتوقف متجر تشونغ، وأُجبر على العودة مرة أخرى إلى مسقط رأسه، وتزوج هناك ببيون جونغ سيوك، الابنة الأولى لرئيس مجلس المدينة.

إصلاح السيارات “جذور هيونداي”
عاد تشونغ جو يونغ إلى قريته، وبقي هناك حتى عام 1940، فقرر السفر مرة أخرى إلى سول، ونظرا للقيود التي فرضتها الحكومة اليابانية الاستعمارية حينها على الكوريين في بعض الصناعات، قرر تشونغ الدخول في مجال إصلاح السيارات من خلال تولي إدارة مرآب اشتراه من صديق له.

ازدهر المصنع منذ يوم افتتاحه، لكن سرعان ما اشتعلت فيه النيران بعد 20 يوما، إذ احترق المبنى بكامله ومعه 5 شاحنات وسيارة واحدة كانت قيد الإصلاح، ما دفع تشونغ إلى اقتراض المزيد من المال، وافتتح مصنعا جديدا في دونغ ديمون، وواصل المصنع تقديم خدماته، وفي غضون 3 سنوات أصبح عدد عماله نحو 70 عاملا، الشيء الذي مكّنه من ضمان دخل محترم.

وبعد فترة وجيزة اندمج مصنع تشونغ مع شركة يابانية عام 1943، في وقت اكتسب فيه تشونغ معرفة شبه كاملة من خلال خبرته في إصلاح السيارات، وهو ما شكّل دافعا قويا وراء حلمه بأن يصبح رائدا في صناعة السيارات لاحقا، إذ لم يمض وقت طويل حتى حصلت بلاده على استقلالها.

بعد عام واحد من الاستقلال، أعاد تشونغ جو يونغ في أبريل 1946، فتح ورشة إصلاح السيارات الخاصة به تحت علامة “مركز خدمة سيارات هيونداي” في سول، وهو المركز الذي سيشكل دفعة قوية لتشونغ من أجل تحقيق حلمه كي يصبح رائدا في صناعة السيارات.

ولم يقتصر مركز خدمة هيونداي للسيارات على إصلاح السيارات فحسب، بل وسّع أيضا سعة الشاحنات ذات الحمولة من 1.5 طن إلى 2.5 طن عن طريق إضافة جزء أوسط للشاحنة، وأعاد تشكيل سيارة البنزين إلى سيارة تعمل بمحرك الفحم، فهرع بموجب ذلك أفضل الفنيين والتقنيين في جميع أنحاء البلاد إلى “مركز خدمة هيونداي للسيارات”، مما أدى إلى توسيع شبكة موظفي الشركة بحلول نهاية العام.

شعار شركة هيونداي (رويترز)
هيونداي
في مايو 1947، أضاف تشونغ جو يونغ، علامة “هيونداي للصناعات المدنية” إلى علامة “مركز خدمة سيارات هيونداي” الأصلي، وبعد 5 سنوات دمجهما في شركة واحدة تحت اسم “هيونداي للهندسة والإنشاءات” (إتش دي إي سي) ودخل عالم صناعة البناء والتشييد في يناير 1952.

زر الذهاب إلى الأعلى