
تعليم خاص على صفيح ساخن: مرسوم 15% يثير غضب المهنيين ويكشف أزمة التشاركية
الرباط: حكيمة أحاجو
تفجّر جدل واسع في الأوساط التعليمية بالمغرب عقب إعلان الجمعيات المهنية الممثلة لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي عن رفضها القاطع للصيغة الحالية لمشروع مرسوم حكومي يفرض على هذه المؤسسات تخصيص 15% من طاقتها الاستيعابية مجانًا لفائدة التلاميذ من الفئات الاجتماعية الهشة، ابتداءً من الموسم الدراسي 2025-2026.
الرفض الجماعي، الذي جاء في بلاغ رسمي عقب اجتماع طارئ عقد بالدار البيضاء يوم 1 يوليوز 2025، لم يكن مجرد تحفظ على مضمون المرسوم، بل عبّر عن قلق بالغ إزاء غياب المقاربة التشاركية، معتبرًا أن وزارة التربية الوطنية تجاهلت الدور الاستشاري للجنة المشتركة المحدثة بين الجانبين سنة 2023، والتي يفترض أن تكون طرفًا فاعلًا في صياغة السياسات المؤثرة على القطاع.
وعلى الرغم من تأكيد الجمعيات المهنية احترامها للقانون الإطار 51.17 وانخراطها في روح العدالة الاجتماعية، فإنها انتقدت انفراد الوزارة بإعداد المرسوم دون الرجوع إلى الشركاء، خصوصًا أن الإجراء المقترح يمس بتوازنات مالية وتشغيلية حساسة لمؤسسات التعليم الخصوصي.
المشروع المعني، المرسوم رقم 2.21.81، يستند إلى المادة 13 من القانون الإطار، ويقضي بإعفاء 15% من التلاميذ من واجبات التسجيل، موزعة بين أبناء الأسر المعوزة (30%)، الأشخاص في وضعية إعاقة (30%)، والفئات ذات الأوضاع الاجتماعية الخاصة (40%)، مع إمكانية تعديل هذه النسب بناءً على معطيات ميدانية. ويُعفى من هذا الالتزام المؤسسات التي لا تستغل أكثر من 50% من طاقتها.
وينص المشروع على إلزام المؤسسات بإرسال لوائح المستفيدين إلى الوزارة، وفق معايير وضوابط سيجري تحديدها لاحقًا بقرار تنظيمي، يتضمن شروط الاستفادة ومجالات الإعفاء.
في المقابل، أعلنت الجمعيات المهنية تشكيل “خلية أزمة” لمتابعة تطورات الملف، داعية المؤسسات إلى عدم اتخاذ أي قرار متسرع إلى حين اتضاح مسار المفاوضات والتحركات الجارية.
ويأتي هذا الخلاف في سياق أشمل لإصلاح التعليم بالمغرب، حيث تسعى الحكومة إلى إرساء نموذج “المدرسة الجديدة” القائمة على تكافؤ الفرص والجودة والانفتاح، كما نص عليه مشروع قانون 59.21 الذي صادق عليه مجلس الحكومة في أبريل 2025، والذي يضع التعليم الخصوصي في قلب منظومة مندمجة ذات بعد وطني موحد.
لكن الخلاف الجاري يكشف هشاشة التوازن بين الطموح الحكومي نحو عدالة تربوية موسعة، والمخاوف الواقعية للقطاع الخاص بشأن استقراره واستقلاليته المالية، في ظل غياب آليات إنصات فعالة وتشاركية حقيقية.
يبقى السؤال المفتوح: هل يشكل هذا المرسوم انطلاقة حقيقية نحو دمقرطة التعليم الخصوصي؟ أم أنه مجرد إجراء أحادي يهدد التوازنات الدقيقة لقطاع شريك في العملية التعليمية؟





