إصلاح التقاعد في المغرب: وعود حكومية أم معركة شائكة؟

الرباط: ريم بنكرة

عودة قضية إصلاح أنظمة التقاعد إلى الواجهة مجدداً، عبر تصريحات نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية، تكشف عن إدراك الحكومة لحساسية الملف، لكنها تطرح تساؤلات حول جدوى الحلول المطروحة وقدرتها على كسب رهان الاستدامة. ففي ظل أزمات صناديق التقاعد المتفاقمة، تبدو الخطوات الحكومية، رغم طابعها التفاوضي، غير كافية لاحتواء تداعيات قد تطال الاستقرار الاجتماعي والمالي.

التركيز على “الحل الدائم والمتفق عليه” الذي تروج له الوزيرة يبدو إيجابياً نظرياً، لكنه يصطدم بتعقيدات الواقع. فالتأكيد على عقد سلسلة اجتماعات بدءاً من شتنبر المقبل، وإن كان يشير إلى نية الحوار، إلا أنه يكرر النهج التقليدي في تأجيل الملفات الشائكة، ما يزيد من تشكيك النقابات والمواطنين في جدية الإصلاح. كما أن الحديث عن “التوافق” و”التشخيص الموحد” يظل غامضاً في ظل غياب مقترحات ملموسة أو التزامات مالية واضحة لإنقاذ الصناديق المنهكة.

الوزيرة ترفع شعار “حفظ حقوق الموظفين والاستدامة المالية”، لكن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية تحقيق هذا التوازن المستحيل تقريباً. فهل ستتمكن الحكومة من فرض إصلاحات تقشفية قد تثير غضباً شعبياً، أم أنها ستلجأ إلى حلول ترقيعية تزيد الأزمة تعقيداً؟ التجارب السابقة في المغرب وخارجه تُظهر أن إصلاح التقاعد غالباً ما يكون عملية شائكة تنتهي بمساومات هشة.

الأشهر المقبلة ستكون محكاً حقيقياً، ليس فقط لمصداقية الحكومة في معالجة الملف، بل أيضاً لقدرتها على تجنب انفجار اجتماعي فبين وعود الإصلاح وضغوط الواقع، يبقى السؤال الأكبر: هل يصنع المغرب نموذجاً ناجعاً، أم سيظل النظام التقاعدي قنبلة موقوتة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى