الرباط: عبد الرحيم هبري
إن ما يثير الاهتمام واستغراب بعض المهتمين، هو كيف حرص المشرع في تأليف لجنة طلب العروض لصفقات الدولة والمؤسسات العمومية على أن تكون عضوية ممثل الخزينة العامة للمملكة وحضوره إجبارية، إلى جانب ممثل وزارة المالية في حالة الصفقات العمومية التي تفوق 50 مليون درهم.
وفي نفس المنحى بالنسبة لصفقات المؤسسات العمومية في ما يخص عضوية وإجبارية حضور ممثل وزارة المالية طبقا للمقتضيات التشريعية المتعلقة بالمراقبة المالية، هذا وبطبيعة الحال ينضاف إليهم أعضاء آخرين من الوزارة المعنية، بالنسبة لصفقات الدولة ومن المؤسسة العمومية بالنسبة للصفقات التي تجريها، في حين أن لجنة طلبات العروض بالنسبة لصفقات الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات لا تضم في عضويتها ممثلا للخزينة الإقليمية، ولا حتى ممثلا للسلطة المحلية، حيث صدر قرار لوزير الداخلية رقم 218 بتاريخ28 نونبر2015 يقضي بتحديد كيفيات تأليف لجان طلب العروض بالجماعات الترابية.
والتي تتكون من الآمر بالصرف أو من ينوب عنه رئيسا وعضوية رئيس لجنة الميزانية آو من ينوب عنه، والمدير العام للمصالح أو مدير المصالح، رئيس مصلحة الصفقات أو من ينوب عنه، رئيس المصلحة المعنية بالصفقة أو من ينوب عنه.
هذا الأمر جعل عدد المهتمين بالشأن المحلي يطرحون أكثر من تساءل، حول مدى قدرة بعض الجماعات الترابية على تطبيق المساطر المتعلقة بالصفقات، التي تبرمها أمام نقص في موارد بشرية مؤهلة في هذا المجال، وكيف يمكن حتى للأطر الإدارية والتقنية التابعين للجماعات الترابية، الذين هم أعضاء بحكم القانون في لجان طلب العروض أن تدلي بتحفظاتها وملا حظاتها في مسطرة صفقة ما خلال اجتماع لجنة طلب العروض، وهي تعمل تحت سلطة مباشرة أي سندان رئيس الجماعة الترابية، وان حصلت هناك أية اختلالات فأنهم يكونوا أول من يتعرض للمسائلة لأنهم تحت مطرقة المجلس الجهوي للحسابات.
وهنا يطرح سوْال عن مهام أعضاء لجنة طلب العروض ومسؤولياتهم في ممارسة هذه المهام، لان لجنة طلب العروض تتمتع باختصاصات واسعة، ورئيس الجماعة الترابية صاحب المشروع ملزم بإرسال ملف طلب العروض إلى أعضاء اللجنة المعنية ثمانية أيام على الأقل قبل نشر إعلان طلب العروض، ولهم الحق في الإدلاء بملاحظاتهم بشأن الملف (الإعلان، كناش المواصفات الخاصة، نظام الاستشارة الخ….) لرئيس الجماعة الترابية خلال آجال ثمانية ايام من تاريخ التوصل بالملف.
كما أن أعضاء اللجنة لهم الحق للإدلاء بتحفظاتهم وملاحظاتهم حول العيوب المُحتملة التي قد تشوب المسطرة، وإذا ثبت لرئيس اللجنة صحة هذه التحفظات والملاحظات ينهي المسطرة ويخبر بصوت عال المتنافسين بذلك، أما إذا اعتبرها غير صحيحة يواصل المسطرة، ولكن في هذه الحالة يتحمل وحده المسؤولية، وتدون تحفظات وملاحظات عضو او أعضاء اللجنة في محضر الجلسة.
وتبدو أهمية عمل اللجنة في القرارات الشفوية التي تتخدها خلال تدقيقها وبتها في الملفات الإدارية والتقنية للمتنافسين والتي تصل حد إقصاء كل متنافس لا تتوفر فيه مقاييس استهدف من وراءها المشرع إثبات الكفاءة والمؤهلات القانونية والتقنية والمالية اللازمة في الصفقة، ويتم إخبار الحاضرين في جلسة طلب العروض بالمتنافسين الممكن قبولهم دون الإفصاح عن أسباب إقصاء المتنافسين المبعدين، مع الإشارة أن رئيس اللجنة إي صاحب المشروع يخبر المتنافسين الذين تم إقصائهم برفض عروضهم مع بيان الأسباب.
وهكذا لم يعد ما تصدره لجنة طلب العروض استشارة ولكن قرار لا يجوز لصاحب المشروع تغييره، وهذا ما نص عليها المرسوم رقم 2.12.349 الصادر في 20 مارس 2013المادة 44 الفقرة الأخيرة منه، والتي نصت على أن السلطة المختصة والمقصود هنا صاحب المشروع أي رئيس الجماعة الترابية، لا يجوز أن تغير الاختيار الذي أقرته لجنة طلب العروض، وتجدر الإشارة أن القرارات التي تتخدها لجنة طلب العروض تبقى خاضعة للطعن أمام المحاكم الإدارية وهذا ما سار عليه الاجتهاد القضائي المغربي.