بلاك فرايدي بالمغرب… تخفيضات وهمية تُخفي احتيالاً تجارياً ممنهجاً

الرباط: نارمان بنمسعود

مع بداية أسبوع “البلاك فرايدي” بالمغرب، عادت جمعيات حماية المستهلك لتدق ناقوس الخطر بشأن ما تصفه بـ”العروض الترويجية الوهمية” التي تغزو الأسواق والمنصات الرقمية، مؤكدة أن معظم التخفيضات المعلن عنها لا تعكس أي انخفاض حقيقي في الأسعار.

وترى هذه الجمعيات أن الظاهرة باتت شكلاً من أشكال الاحتيال التجاري الذي يكشف هشاشة سوق التخفيضات بالمغرب، في ظل غياب رقابة فعالة وقانون واضح يؤطر الممارسات التجارية المستوردة.

علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، اعتبر أن “الجمعة السوداء” في المغرب مجرد حدث تجاري مُفبرك يستغله التجار لخلق موجة إقبال واسعة عبر إعلانات ضخمة توحي بتخفيضات كبيرة، بينما الواقع يشير إلى أن الأسعار غالبا ما تظل ثابتة أو ترتفع بسبب الطلب المتزايد. وأضاف أن ما يُقدَّم على أنه تخفيضات ليس سوى “خدعة تسويقية” بعيدة عن النموذج الحقيقي المعمول به في الولايات المتحدة، حيث يحصل المستهلك فعلاً على منتجات بأسعار منخفضة وبجودة عالية.

وفي السياق ذاته، شدد شتور على ضرورة يقظة المستهلك، معتبراً أن ما يجري “استغلال مباشر للجهل وثغرات القانون”، مشيراً إلى أن التخفيضات، وفق القوانين الدولية، يجب أن تكون محددة في الزمن وموثقة بسعر سابق فعلي—not مجرد رقم مفبرك على الملصقات الإعلانية.

من جانبه، يرى بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن المشكلة لا تكمن في “البلاك فرايدي” وحده، بل في غياب تعريف قانوني دقيق لأشكال البيع الترويجي بالمغرب، سواء تعلق الأمر بالبيع الخاص أو العروض الموسمية أو التخفيضات المؤقتة. هذا الغموض، حسب قوله، يسمح بدخول أنواع جديدة من الحملات التجارية إلى السوق دون إطار تنظيمي، مما يفتح الباب أمام التجاوزات.

وأوضح الخراطي أن من أبرز مظاهر الغشّ، التلاعب في نسب التخفيض وعدم الإعلان عن السعر الحقيقي الذي كان عليه المنتج خلال الشهر السابق، وهو ما يفرضه القانون لكنه لا يُحترم في الممارسة. وأضاف: “حين نرى تخفيضات تعلن نسباً تصل إلى 70%، فنحن أمام عملية ترويج مبالغ فيها إلى حد يثير الشك، لأن ذلك يعني تقريباً أن المنتج يُمنح بالمجان.”

ويخلص المتحدث إلى أن غياب النصوص القانونية المحدّثة وغياب أجهزة رقابية قوية يجعل السوق مفتوحاً أمام كل الأساليب التجارية مهما كانت درجة تضليلها. ودعا الحكومة إلى التحرك الاستباقي عبر سن قوانين تواكب أشكال التجارة الجديدة وتضمن حماية حقيقية للمستهلك المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى