عبد النباوي: الفضاء الرقمي أصبح مجالاً للنصب ونشر الأخبار الزائفة
قال محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة، الوكيل لعام لمحكمة النقض إن الفضاء الرقمي أصبح مجالاً للمساهمة في ارتكاب جرائم أو التحريض على ارتكابها تكون ماسة بالحق في الحياة وبالسلامة الجسمانية للأفراد وممتلكاتهم والجرائم المالية من خلال أنشطة الشبكات الإجرامية.
وأشار النباوي في كلمته خلال ترؤسه افتتاح أشغال ندوة حول حقوق الإنسان والتحدي الرقمي بمقر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة يومه (الثلاثاء) إلى أن هناك أشكال أخرى من انتهاكات حقوق الإنسان كالتحريض على التمييز والكراهية ونشر الأخبار الزائفة والسب والقذف والتشهير وأشكال التعبير المسيئة للأفراد وانتهاك الحياة الخاصة بهم.
وأضاف المصدر ذاته أنه يتم ترويج المخدرات والاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للأطفال ودعم المواد الإباحية وأنشطة التنظيمات الإرهابية حيث يتم استغلال انتشار وسائل الاتصال الحديثة وسهولة الوصول إلى الانترنيت والبرمجيات الرقمية للتجسس والاختراق وإخفاء الهوية.
وأوضح النباوي في موضوع الندوة التي حملت وسم “حقوق الإنسان والتحدي الرقمي” أنه بما أن الاستخدام السيء للتكنولوجيات الرقمية وخدمات الأنترنت يؤدي إلى تزايد الجرائم المعلوماتية، فإن رئاسة النيابة العامة، تولي لموضوع مكافحة الجريمة المعلوماتية العناية التي تستحق وذلك على ثلاثة مستويات.
ويتعلق المستوى الأول بتتبع الجريمة وإيلاء عناية خاصة للظواهر الإجرامية المستفحلة أو الجديدة، حيث تعمل رئاسة النيابة العامة على تتبع الجرائم المعلوماتية ورصد مظاهر تطورها وأشكالها، حيث تم تسجيل انتشار بعض التقنيات في مجال تشفير المواقع الإلكترونية وقواعد البيانات.
وتابع في السياق ذاته أن هذا الأمر يجسد تقنية تسمح للمجرمين بالولوج إلى المواقع الإلكترونية وقواعد البيانات وتشفيرها مع ابتزاز الضحايا كما تم التصدي لحالات قرصنة المعلومات الخاصة بالبطائق الإلكترونية المعروفة بـ “Skiming”، والتي تستعمل لقرصنة الأرقام السرية لبطائق بنكية، مما يمكن من الاحتيال وسرقة أموال أصحابها.
وإضافة إلى جرائم الابتزاز عن طريق الأنترنت من خلال استعمال تكنولوجيا المعلوميات وتهديد الأشخاص بنشر أمور مشينة والمساس بحقهم في الصورة وفي الحياة الخاصة، حركت النيابة العامة برسم سنة 2019، 289 متابعة من أجل جرائم ذات صلة بهذا الموضوع، بالإضافة إلى 241 متابعة أخرى في جرائم تتعلق بالمس بالحياة الخاصة والحق في الصورة.
أما المستوى الثاني فيتعلق بتعزيز قدرات النيابة العامة للتصدي لهذه الجرائم إذ بالنظر إلى خصوصية وأهمية البحث في الجرائم المعلوماتية وإلى صعوبة جمع الأدلة الرقمية المرتبطة بها، فقد حرصت رئاسة النيابة العامة على مشاركة قضاة النيابة العامة الذين تم تعيينهم كنقط ارتكاز في ندوات ودورات تكوينية بالمغرب والخارج حول الجرائم المعلوماتية والدليل الرقمي بالتعاون مع شركاء دوليين.
ويهم المستوى الثالث الذي تشتغل عليه رئاسة النيابة العامة الوفاء بالتزامات المملكة المغربية في مجال التصدي للإجرام السيبراني، فبعد المصادقة على اتفاقية بودابست للجرائم المعلوماتية ودخولها حيز النفاذ ابتداء من فاتح أكتوبر 2018، توصلت المملكة المغربية بطلبات ترمي إلى حفظ بيانات الكمبيوتر المخزنة في إطار شبكة 24/7 المحدثة من قبل الاتفاقية المذكورة.
وتم التنسيق مع النيابات العامة المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة قصد ضمان تنفيذها. كما تم إحداث شبكة من قضاة النيابة العامة للوفاء بالتزامات المملكة الدولية في إطار شبكة 7/24 التي تقضي اعتماد ديمومة وطنية على مدار اليوم طيلة أيام السنة (24 ساعة/ 24 ساعة وسبعة أيام في الأسبوع) للقيام بمهام التعاون القضائي الدولي وفاء بالتزامات المملكة المترتبة عن المصادقة على الاتفاقية المذكورة.
ويرى النباوي أن التكنولوجيا رغم أنها يسرت وسائلُ التعلم الافتراضي والتعلُّم عن بعد وإمكانيةَ ولوج العديد من الأشخاص لبرامج تعليمية كانوا سيتعرضون بدونها للحرمان من هذا الحق إلا أنهاتطرح تحديات جديدة وخطيرة تستلزم توفير كل الإمكانيات لمواجهتها دوليا وإقليميا ووطنيا وتأمين استخدامها حتى لا تستعمل استعمالات ضارة بالإنسان.
وشدد رئيس النيابة العامة الوكيل لعام لمحكمة النقض على أنه فيما يتعلق بعلاقة حقوق الإنسان بالفضاء الرقمي والتكنولوجيا الرقمية يمكن الجزم أن ما ينطبق على حقوق الإنسان من حيث ممارستها وضمان التمتع بها خارج الفضاء الرقمي ينطبق عليها كذلك داخل هذا الفضاء.
وأضاف أنه بقدر ما تمكن هذه التكنولوجيات من تيسير الولوج إلى مختلف أنواع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية المحمية بمقتضى معاهدات حقوق الإنسان الدولية بقدر ما يمكن أن يتحول استعمالها إلى أداة لانتهاك العديد من الحقوق والمساس بالنظام العام.
وفي المقابل أكد النباوي أن الفضاء الرقمي مكن من تعزيز الولوج إلى العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إذ على سبيل المثال لا الحصر ساهم في النهوض بالحق في التربية والتعليم بما يوفره من إمكانات لتوفير المعلومات والدراسات والأبحاث وتيسير الولوج إليها.