بوصلة التنمية تتجه نحو الإنسان.. مستشفيات الجامعية أنموذجاً

بقلم: أمكار عصام

مستشفيات تروي قصة وطن.. لم يكن افتتاح المستشفيين الجامعيين في الرباط وأكادير مجرد حدث صحي عابر، بل كان إعلاناً صارخاً بميلاد مغرب جديد. مغرب لا يبني الملاعب والطرق فحسب، بل يبني الإنسان قبل كل شيء. إنه الرد العملي على سؤال العدالة الاجتماعية، حيث يصبح تكافؤ فرص العلاج والتكوين الطبي حقيقة ملموسة.

هذه المستشفيات ليست جدراناً فقط، بل هي “مدن طبية” متكاملة تخلق جيلاً جديداً من الأطباء والعلماء. إنها القلاع التي ستُحصن الوطن في مواجهة تحولات المستقبل، وتجسّد الانتقال من دولة “المشاريع” إلى دولة “الرعاية الاجتماعية” التي تضع مواطنها في قلب استثماراتها.

منطق الدولة.. لا الصدفة: هذا الإنجاز لم يأت من فراغ. إنه حلقة في سلسلة مشاريع كبرى تنسج خيوط “المغرب الجديد”. إنها رؤية استراتيجية ترفض “الارتجال” و”مغرب السرعتين” الذي حذر منه جلالة الملك. إنها فلسفة تنموية متكاملة تدمج الاقتصاد بالاجتماعي، وتربط البنية التحتية بروح المواطنة والعدالة.

أكادير.. لوحة نموذجية: وفي هذه الصورة الوطنية المتكاملة، تبرز أكادير كلوحة مضيئة. خلال سنتين فقط، تحولت المدينة إلى ورش مفتوح، يروي قصة “الحكامة الجيدة” و”التدبير الميداني”. لقد أثبتت أن القيادة الترابية الفعالة، بعقلية الدولة وروح المسؤولية، قادرة على تحويل الخطط إلى واقع، وإعادة الثقة للمواطن في جدارة العمل المؤسساتي.

صمت المنتقدين.. وكلام الأرقام: والأجمل في هذه المرحلة، هو التحول الصامت في الرأي العام. لقد اختفت تلك الأصوات التي هاجمت بناء الملاعب واتهمت الاستثمارات فيها بالترف. ها هي المنجزات تتكلم بلغة الأرقام: فالملاعب أصبحت روافد للتنمية ومراكز لخلق الفرص. لقد صمت المنتقدون لأن الواقع فند مزاعمهم، وأثبت أن المغرب حين يستثمر في البنية التحتية، فإنه يستثمر في مستقبل أبنائه بثقة واقتدار.

افتتاح المستشفيين الجامعيين هو أكثر من خبر في الجريدة.. إنه بيان سياسي. رسالة واضحة مفادها أن المغرب يسير بخطى واثقة، يبني الحاضر ويصنع ملامح الغد بعقلية الدولة الحديثة. إنه يؤكد أن قوة الأوطان لا تقاس بارتفاع ناطحات السحاب، بل بقدرتها على صون كرامة مواطنيها وضمان رعايتهم. المغرب يبني مستقبله.. فهل نكون جميعاً طاقم البناء؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى