المغرب على موعد مع تحدٍ فلاحي: صمود أمام الجفاف وطموح نحو تحقيق الأمن الغذائي

الرباط: حفيظة حمودة

في مشهد يجسد التحدي والطموح،أعطى وزير الفلاحة المغربي، السيد أحمد البواري، الجمعة 22 نوفمبر 2024، بالجماعة الترابية أربعاء عياشة (إقليم العرائش)، الانطلاقة الرسمية للموسم الفلاحي 2025/2026. لا تأتي هذه الانطلاقة في ظروف عادية، بل هي امتحان حقيقي لمرونة القطاع الفلاحي وفحص لقدرة استراتيجيات الحكومة على تحويل الأزمات إلى فرص.

التحليل المقارن: إرث صعب في مواجهة إنجاز غير متوقع

· الواقع المرير (موسم 2024/2025):
· تحديات مائية حادة: عانى الموسم السابق من عجز مائي ملحوظ وعدم انتظام التساقطات المطرية، في استمرار لسلسلة سبع سنوات من الجفاف.
· تكاليف باهظة: تفاقمت الأزمة بارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج، مما زاد من أعباء المزارعين.

· الصمود والإنجاز (نفس الموسم الصعب):
· مفارقة النمو: رغم هذه الظروف القاسية، أظهر القطاع الفلاحي مناعة مذهلة وسجل نمواً يقترب من 6%، وهو رقم يستحق التأمل في سياق الأزمة.
· قفزات إنتاجية استثنائية: قارن الوزير بين موسمين ليكشف عن قفزات هائلة في الإنتاج:
· الحبوب: قفزة بنسبة 39% ليصل الإنتاج إلى أكثر من 43 مليون قنطار.
· الزيتون: طفرة غير مسبوقة بنسبة 111%، متوقعاً وصول الإنتاج إلى مليوني طن.
· الحوامض والتمور: نمو مطرد بنسب 24% و 55% على التوالي.

هذه المقارنة تبرز مفارقة جوهرية: كيف لقطاع يعاني من شح المياه أن يحقق مثل هذه النتائج؟ الإجابة تكمن في السياسات والبرامج التي بدأت تؤتي ثمارها.

التحليل الاستباقي: استراتيجيات الموسم الجديد بين تعويض المخزون المائي ودفع الإنتاج

يبنى الموسم الجديد على ركيزتين: معالجة الإرث السلبي وتعزيز الإرث الإيجابي.

1. معالجة الإرث السلبي (أزمة المياه):
· واقع مائي صادم: كشف التحليل أن مخزون السدود المخصصة للري لا يتجاوز 8% من الحاجات المائية، مما أدى إلى تعليق الري في عدة مناطق.
· الحلول المعتمدة: التركيز على برامج مثل الزرع المباشر (لترشيد استهلاك المياه) والري التكميلي، بهدف الوصول إلى مليون هكتار من كل منهما بحلول 2030.

2. تعزيز الإرث الإيجابي (دفع الإنتاجية والقطيع الوطني):
· تأمين المدخلات: توفير 1.5 مليون قنطار من البذور المعتمدة و650 ألف طن من الأسمدة بأسعار مدعومة ومستقرة.

· ثورة في تربية الماشية: إطلاق برنامج طموح لإعادة تكوين القطيع الوطني بتكلفة 12.8 مليار درهم (2025-2026)، يرتكز على:
· الترقيم وقاعدة البيانات: تسجيل حوالي 32.8 مليون رأس من المواشي.
· دعم مالي مباشر: توزيع أكثر من 5.2 مليار درهم على 600 ألف مستفيد لشراء الأعلاف والحفاظ على إناث الماشية.
· التخفيف من الديون والتلقيح: إجراءات شاملة لضمان صحة القطيع واستدامة المربين.

نحو فلاحة مرنة ومستدامة

انطلاقة الموسم الفلاحي 2025/2026 ليست مجرد حدث سنوي، بل هي محطة تحليلية فارقة.它们 تظهر:

· مرونة القطاع الفلاحي كقاطرة للنمو حتى في أحلك الظروف.
· نجاعة السياسات الموجهة (الجيل الأخضر) في تحفيز الإنتاجية رغم التحديات الهيكلية مثل شح المياه.
· التحول من الدعم العشوائي إلى الدعم الذكي والمؤسسي، كما يظهر في برنامج تربية الماشية الذي يجمع بين الدعم المالي المباشر والبنية التحتية للبيانات.

التحدي الأكبر الذي يظل قائماً هو الفجوة بين الطموح المائي والواقع، حيث أن نجاح كل هذه البرامج مرهون بقدرة المغرب على إدارة موارده المائية بشكل استباقي واستباقي. الموسم الحالي هو اختبار حقيقي لإرادة القطاع على الصمود وتحويل التحديات المناخية إلى فرص للابتكار والنمو المستدام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى