
المغرب يوقع على صفقة قمح فرنسية تاريخية لإنقاذ الأمن الغذائي من براثن الجفاف
الرباط: ريم بنكرة
في خطوة تعكس حجم التحدي الذي يواجهه القطاع الزراعي، تشهد المملكة المغربية تحضيرات متسارعة لاستيراد كميات هائلة من القمح اللين الفرنسي تقدر بنحو 3.5 ملايين طن مع حلول موسم 2025-2026. هذه الصفقة العملاقة ليست مجرد عملية تجارية اعتيادية، بل هي شريان حياة لسد فجوة الإنتاج المحلي التي تفاقمت due إلى سنوات متتالية من الجفاف القاسي، الذي لم يترك أمام البلاد خياراً سوى اللجوء إلى الأسواق الخارجية لتأمين أحد أهم مواد الاستهلاك اليومي.
تشير التوقعات إلى أن الإنتاج المحلي من القمح اللين سيعاني من عجز كبير، حيث من المتوقع ألا يتجاوز 2.4 مليون طن هذا الموسم، وهو ما لا يكفي لتلبية الطلب الوطني المتوقع البالغ حوالي 5.5 ملايين طن. هذا التناقض الحاد بين ما تنتجه الأراضي المغربية وما يحتاجه السوق يضع البلاد أمام واقع مناخي جديد، يجعل الاعتماد على الاستيراد أمراً لا مفر منه لضمان استقرار سلة الغذاء الأساسية للمواطنين.
وتأتي هذه الخطية الاستباقية في إطار استراتيجية أوسع تتبناها الحكومة المغربية لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية التي أصبحت تهدد الأمن الغذائي. وقد تجسد هذا الالتزام بتمديد برنامج الدعم الرسمي لاستيراد القمح حتى نهاية عام 2025، كإجراء وقائي يهدف إلى امتصاص الصدمات المحتملة في أسواق الدقيق والخبز، والحيلولة دون أي ارتفاع مفرط في الأسعار التي تثقل كاهل الأسر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وراء هذه الأرقام تكمن قصة التزام حكومي واضح بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن وتأمين سلعته الأساسية الأولى، رغم العبء المالي الكبير الذي تشكله عمليات الاستيراد الضخمة على الميزانية. كما تبرز الصفقة عمق العلاقة الاقتصادية الاستراتيجية مع فرنسا التي تبقى شريكاً موثوقاً به في تزويد المغرب بحاجاته من الحبوب. في النهاية، هذه الصفقة هي أكثر من مجرد استيراد للقمح؛ إنها رسالة طمأنة بأن رغيف الخبز سيظل في متناول جميع المغاربة، مهما اشتدت حدة التحديات المناخية.





