دورة تدريبية تكشف المنهج النبوي في موازنة القيم والمصالح بكلية الآداب والعلوم بالرباط
الرباط إستثمار
في زمن تتزايد فيه التحديات الأخلاقية وضغوط المصالح الفردية، برزت الدورة التكوينية التي نُظمت يوم السبت 24 ماي 2025 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط (باب الرواح) كفضاء تربوي وفكري لبحث سبل تحقيق التوازن بين القيم والمصالح، من خلال استلهام المنهج النبوي كمرجعية أخلاقية وسلوكية متجددة.
هذه الدورة التي حملت عنوان: “أثر المنهج النبوي في تحقيق التوازن بين المصالح الذاتية والالتزام بالقيم الأخلاقية”، جاءت كثمرة تعاون بين مؤسسة لمع لدراسة العقائد والأديان، ومؤسسة Criterion Concepts، بشراكة مع كلية الآداب ومختبر الإنسان والفكر والأديان وحوار الحضارات.
وقد أطر فعالياتها كل من الدكتور عبد العزيز الدباغ والدكتورة كريمة بوعمري، في غياب الدكتور أسعد كوشالا صاحب المنهج المعتمد، والذي تعذر عليه الحضور لأسباب صحية.
نحو قراءة منهجية للسيرة… بتقنيات تربوية حديثة
ما ميّز هذه الدورة التكوينية، التي شهدت مشاركة مكثفة من الطلبة والباحثين، هو الطابع العملي التفاعلي الذي طُبّق لأول مرة، عبر اعتماد مشاهد مختارة من مسلسل “عمر” للمخرج الراحل حاتم علي، كوسيلة بيداغوجية لقراءة السيرة النبوية بمنهجية تحليلية جديدة.
تم تقسيم المشاركين إلى مجموعات اشتغلت على تحليل الشخصيات والسياقات الأخلاقية والاجتماعية والسياسية لكل مشهد، وتصنيفها ضمن أربعة محاور رئيسية: النفس، الإيمان، العائلة، المجتمع والعدالة، مع إسقاط هذه المحاور على الواقع المعاصر وما يطرحه من تضارب بين النزوعات الذاتية ومتطلبات الالتزام القيمي.
هرم الإسلام: من الإيمان إلى العدالة
خرجت الدورة بخلاصة تركيبية صاغها المشاركون في شكل تصور هرمي لبنية الإسلام:
القاعدة: الإيمان
العمودان: العمل والنية
القمة: العدالة
هذا التصور يسعى لتجديد فهم السيرة النبوية باعتبارها خريطة قيمية وأخلاقية تتجاوز سرد الأحداث إلى استخلاص النماذج التربوية والسلوكية القابلة للتطبيق في واقع مضطرب أخلاقيًا.
نحو تأطير مستدام ومأسسة للمنهج
في مداخلتها الختامية دعت الدكتورة كريمة بوعمري، مديرة مختبر الإنسان والفكر والأديان إلى مواصلة العمل على ترسيخ هذا المنهج التربوي في أوساط الطلبة والباحثين، من خلال دورات تكوينية منتظمة تؤهل مدربين قادرين على نقل هذا التصور التحليلي للسيرة إلى فضاءات أوسع، سواء داخل المؤسسات التعليمية أو المنتديات التربوية والدينية.
واُختتمت الدورة بالتقاط صورة جماعية وتوزيع الشواهد على المشاركين، في جو أكاديمي مطبوع بالاعتزاز بإعادة إحياء السيرة النبوية كأداة لتحرير الإنسان من ثنائية المصلحة والأنانية، وتوجيهه نحو تحقيق التوازن الأخلاقي الذي افتقدته الكثير من المجتمعات المعاصرة.