الذكاء الاصطناعي في صناعة النفط: محرك الإنتاج أم وهم المرحلة الانتقالية؟

الرباط: إستثمار

في سباق محموم بين التكنولوجيا وتحديات السوق، تتبنى شركات الطاقة الذكاء الاصطناعي كحل سحري لتعزيز الإنتاج وخفض التكاليف، لكن هل يُمكن لهذه التقنية تعويض التناقضات العميقة في توقعات الطلب العالمي على النفط؟

من جهة، تُظهر تقارير أوبك ثقة متزايدة في قدرة الذكاء الاصطناعي على تمكين المنتجين من استغلال المكامن الأكثر تعقيدًا، عبر تحليل البيانات الزلزالية بدقة غير مسبوقة، وتوقع أعطال المعدات قبل حدوثها، بل وتحسين كفاءة الإنتاج بنسب تصل إلى 15%. هذه المكاسب لا تقتصر على الاستكشاف، بل تمتد إلى الصيانة التنبؤية وإدارة سلاسل التوريد، كما في تجارب كبرى مثل “شل” و”بي بي”، حيث أدت الأتمتة إلى خفض الهدر وتبسيط العمليات.

لكن المفارقة تكمن في أن هذه الابتكارات تتطور في ظل انقسام حاد حول مستقبل الطلب. بينما تُصر أوبك على نمو الاستهلاك حتى 2050، تتوقع وكالة الطاقة الدولية بلوغ الذروة بحلول 2030، مدفوعة بالتحول نحو الطاقة النظيفة. هنا يبرز سؤال جوهري: هل يعزز الذكاء الاصطناعي هيمنة النفط أم يُسرّع نهاية عهده؟

الإجابة قد تكمن في ثنائية الأدوار. فبينما يُحسن الذكاء الاصطناعي كفاءة الإنتاج قصير الأجل، فإنه أيضًا يُسهّل الانتقال الطاقي عبر تحسين دمج مصادر مثل الغاز المسال والطاقات المتجددة، بل وحتى شحن السيارات الكهربائية. الأكثر إثارة هو تحوُّل الشركات نحو نماذج قائمة على البيانات، كتخصيص حلول الطاقة وفقًا للسلوك الاستهلاكي، ما قد يُعيد تشكيل طبيعة الطلب نفسه.

في النهاية، الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة لضخ المزيد من النفط، بل رهان استراتيجي على المرونة في عصرٍ تُحدد فيه التكنولوجيا الفائزين والخاسرين. ومع ذلك، يبقى تحدي الشركات الأكبر هو التكيف مع سوقٍ قد لا تشبه توقعات أيٍ من الأطراف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى