مشروع الميزانية 2026: رهان الحكومة على ثقة الشباب في لحظة مصيرية

الرباط: ناريمان بنمسعود

على وقع ترقب شعبي واسع لمضامين مشروع قانون المالية لسنة 2026، تبرز اللحظة الحالية كلحظة سياسية دقيقة تتقاطع فيها الاحتجاجات الشبابية المطالبة بإصلاحات جذرية في التعليم والصحة والتشغيل، مع نهاية الولاية الحكومية الحالية. يُنظر إلى هذا المشروع بوصفه “آخر فرصة” لتصحيح المسار الاجتماعي وإعادة بناء الثقة بين المؤسسات والشباب.

في ظل رهانات اجتماعية ضاغطة ومطالب شبابية بصوت مرتفع بحقوقهم في خدمات صحية وتعليمية عادلة وفرص تشغيل، تتركز الأنظار على قدرة مشروع القانون على تقديم استجابة أكبر وأسرع لطموحاتهم. وتتعزز هذه الأهمية مع اقتراب نهاية الولاية الحكومية، مما يجعله المحطة التشريعية الكبرى الأخيرة أمام الحكومة لترجمة التزاماتها الاجتماعية وتحقيق جزء من انتظارات الشباب.

يستدعي السياق الاقتصادي والاجتماعي الدقيق للمغرب ضرورة رفع نجاعة الإنفاق العمومي وتحسين كفاءة تدبير الموارد الميزانياتية كخيار عملي لتحقيق أثر ملموس في معيش المواطنين، ولا سيما الشباب. وفي الأيام القليلة المقبلة، يُرتقب أن يترأس الملك محمد السادس مجلسا وزاريا مخصصا للمصادقة على التوجهات العامة للمشروع، قبل إحالته إلى البرلمان.

حدد المشروع أربع أولويات كبرى، أبرزها تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وتوطيد أسس الدولة الاجتماعية، وتسريع الإصلاحات الهيكلية، مع الحفاظ على توازن المالية العمومية. ورغم أن ميزانيات التعليم والصحة استحوذت تاريخيا على الحيز الأكبر من الموارد، فإن الرهان الحقيقي اليوم يتمثل في تقييم الأثر الفعلي لهذا الإنفاق على جودة التعلمات والحد من الهدر المدرسي وضمان تكافؤ الفرص.

يبرز التشغيل كأولوية قصوى، مع توقع استكمال العمل على تسريع تنزيل “خارطة طريق التشغيل”. يدعو محللون اقتصاديون إلى الانتقال من الدعم المباشر والبرامج المؤقتة إلى إدماج مهني منتج يرتكز على تحفيز المقاولة والاستثمار المحلي. ومن بين الإجراءات المتوقعة تقديم تحفيزات ضريبية للمقاولات التي تخلق مناصب شغل دائمة للشباب، وتعزيز تمويل ريادة الأعمال عبر آليات مبتكرة، وتوسيع برامج التكوين المزدوج بين الجامعات والمقاولات.

الرهان الأكبر في هذا المشروع سيتجاوز حجم الاعتمادات المالية إلى مقاربة جديدة تدمج بين جودة الإنفاق وفعالية التنفيذ. الحكومة مطالبة اليوم بإثبات قدرتها على رفع كفاءة التدبير العمومي وربطه بمؤشرات اجتماعية قابلة للقياس، تكون قادرة على تحويل الأموال المنفقة إلى تحسينات ملموسة في حياة المواطن، وفي مقدمة هؤلاء جيل الشباب الذي ينتظر بفارغ الصبر ترجمة الوعود إلى واقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى