الداخلية تُغلق منافذ التلاعب في تزكيات الشباب وتُشدد الرقابة على تمويل الحملات الانتخابية استعدادًا لانتخابات 2026

الرباط: إدريس بنمسعود

تواصل وزارة الداخلية التحضير المبكر للاستحقاقات التشريعية المقبلة المقررة سنة 2026، عبر تنزيل إصلاحات قانونية وتنظيمية تهدف إلى تعزيز الشفافية وضبط الممارسات المرتبطة بالتمويل والتزكيات الحزبية.

ففي خطوة وُصفت بـ“الحاسمة”، كشفت الوزارة عن تفاصيل مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25، المكمّل والمغيّر للقانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، والذي يتضمن مستجدات نوعية تمسّ بشكل مباشر تمويل الحملات الانتخابية الخاصة بفئة الشباب، سواء كانوا مرشحين باسم أحزاب سياسية أو مستقلين.

الوزير عبد الوافي لفتيت، خلال عرضه للمشروع أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، شدّد على أن الحكومة تسعى من خلال هذا الإطار التشريعي إلى جعل المشاركة السياسية للشباب أكثر واقعية وفاعلية، بعيدًا عن أي توظيف انتخابي أو مصلحي، مشيرًا إلى أن الدعم المالي الذي ستخصصه الدولة لهذه الفئة لن يكون امتيازًا ريعيًا، بل أداة تحفيزية مشروطة بالاستحقاق والشفافية.

وأوضح لفتيت أن المساهمة في مصاريف الحملات الانتخابية ستُصرف وفق معايير دقيقة، على أساس المبلغ الإجمالي للمصاريف الفعلية الموثقة في حساب بنكي مفتوح باسم لائحة الترشيح، على أن يشهد خبير محاسب بصحة هذه البيانات، ويتولى المجلس الأعلى للحسابات فحصها قبل صرف أي دعم.

وحدد المشروع سقف الدعم العمومي في 75 في المائة من المصاريف الفعلية التي أنجزتها كل لائحة انتخابية، دون تجاوز السقف المحدد قانونًا في 500 ألف درهم لكل مترشّح، وهو ما يعني أن المراقبة المالية ستصبح أكثر دقة وصرامة مقارنة بالاستحقاقات السابقة.

هذه المقتضيات الجديدة، بحسب لفتيت، تروم جعل التمويل الانتخابي وسيلة لدعم الكفاءات الشابة وتمكينها من خوض غمار المنافسة السياسية على قدم المساواة مع الأسماء المخضرمة، مع الحرص على أن تُدار العملية الانتخابية بأقصى درجات الشفافية والنزاهة.
كما أكد الوزير أن الهدف الأسمى هو تحفيز الأحزاب السياسية على فتح المجال أمام طاقات شابة مؤهلة، بدل الاقتصار على الوجوه التقليدية التي هيمنت على الساحة السياسية خلال العقود الماضية، في أفق تجديد النخب وضخ دماء جديدة في المؤسسة التشريعية.

وفي الشق المتعلق بالتزكيات الحزبية، حمل المشروع مستجدًا بالغ الأهمية، يتمثل في منع التراجع عن التزكية أو سحبها بعد إيداع التصريح بالترشيح عبر المنصة الإلكترونية الرسمية.
ويأتي هذا الإجراء، حسب وزارة الداخلية، بعد رصد حالات متكررة من الارتباك والتلاعب في عملية التزكية خلال الانتخابات السابقة، مما أفرز نزاعات داخل الأحزاب وأحيانًا تشكيكًا في مصداقية العملية الانتخابية.

وبهذا التوجه الجديد، تسعى “أم الوزارات” إلى إرساء قواعد صلبة تضمن استقرار العملية الانتخابية وشفافيتها، وتغلق الباب أمام أي استغلال سياسي أو مالي للدعم العمومي أو للتزكيات الحزبية.
كما تراهن الحكومة من خلال هذه الإصلاحات على إعادة الثقة إلى الشباب المغربي في العملية السياسية، وجعل الانتخابات المقبلة محطة حقيقية لتجديد النخب وتعزيز تمثيلية الفئات الصاعدة داخل البرلمان.

إن هذه الخطوة، التي تندرج في سياق الإصلاحات المتواصلة للمسار الديمقراطي بالمغرب، تؤشر على رغبة واضحة في القطع مع الممارسات السابقة التي لطالما شابت العمليات الانتخابية، وترسيخ نموذج جديد قوامه النزاهة، المراقبة الصارمة، وتكافؤ الفرص بين جميع المرشحين، وخاصة فئة الشباب التي تمثل مستقبل الحياة السياسية بالمملكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى