
الملك ينزل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بإحالة ملف الحسيمة على قضاة جطو
الرباط: عبد الرحيم هبري
شكل الاستقبال الملكي الذي خصص الاثنين 02 أكتوبر 2017، لكل من رئيس الحكومة، ووزيري الداخلية والمالية، والرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، حدثا غير مسبوق، كون جلالة الملك قد أدخل المغرب ولأول مرة، في مصاف الدول الدستورية، التي يقف مواطنوها على قدم المساواة أمام الدستور، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
الاستقبال الملكي خرج ببيان واضح وغير قابل لأي تأويل، بحيث تميز بوضع المؤسسات أمام مسؤولياتها الدستورية، فلم يكن الاستقبال على انفراد لكل مسؤول على حدة، بل تم جمع المسؤولين المعنيين مباشرة، فكان حضور رئيس الحكومة، بوصفه رئيسا للسلطة التنفيذية، وحضور وزيري الداخلية والمالية لوضع تقريرهما الحكومي حول تعثر مشاريع “الحسيمة منارة المتوسط” أمام رئيس الدولة، وأخيرا حضور الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات بوصفه الجهة المستقلة عن الحكومة التي ستباشر بالبحث وإجراء تحقيق قضائي، على غرار التقرير الحكومي.
الإجراء الدستوري يكون جلالة الملك بوصفه رئيسا للدولة قد أوفى بوعده، عندما تعهد في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2017 بالتفعيل الدستوري لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، لكل من تورط في تعثر مشاريع الحسيمة، والذي كان الكل في انتظار هذا الموعد الملكي على مدى قرابة أربعة أشهر.
وإن تم استبعاد فرضية دخول المسؤولين عن تعثر مشاريع الحسيمة السجن، لتبرئة الملك ساحتهم من الضلوع في اختلاس أو غش، إلا أن ذلك لا يعفي المسؤولين من عقوبات أخرى، لاسيما بالنظر إلى الإقرار الذي تضمنه بيان الديوان الملكي، والذي أقر بوضوح تام ثبوت تورط المسؤولين عن “وجود تأخر، بل وعدم تنفيذ العديد من مكونات هذا البرنامج التنموي”، ما يعني أنه ثمة إعفاءات وإقالات تنتظر هؤلاء المسؤولين، في انتظار جهوزية تقرير مجلس الحسابات في أقل من عشرة أيام.
وهو ما أكده باحث في الشأن العام الوطني، أن ما ورد في بلاغ الديوان الملكي، يؤكد مرة أخرى أن الملك محمد السادس أول من يحترم الدستو,ر ويحترم القانون فرغم التقارير التي قدمها وزيري الداخلية والمالية بين يدي جلالته، واستعراضهما لخلاصتها والمتعلقة ببرنامج التنمية الجهوية “الحسيمة منارة المتوسط” تنفيذا لأوامره، فقد حرص جلالته على تمكين المجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة دستورية من ممارسة مهامه الرقابية، وحدد له اجل عشرة أيام، تفعيلا للفصل 147 من الدستور، الذي ينص على انه يمارس المجلس الأعلى للحسابات مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية.





