أخبار

عبد اللطيف وهبي: رئيس الحكومة لم يقدم أي تصور إستشرافي للمستقبل

والحكومة تفتقر إلى نسق واضح ظهر من خلال تصريحات متناقضة للوزراء

أكد عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب البام خلال حلوله ضيفا على برنامج “كل شيء على كورونا”، أن رئيس الحكومة قدم خطابا متفائلا انتهى بقرار تمديد فترة الحجر الصحي، واصفا الأرقام “الكبيرة” التي قدمها رئيس السلطة التنفيذية كونها تبقى صغيرة بالنسبة للواقع، خصوصا وأن هذا الأخير لم يستطع، إلى الآن، بحسب تعبير وهبي، تقديم تصور استشرافي للمستقبل، “ما يثبت أنه لا يضبط الواقع بشكل علمي أكثر، لذلك اكتشفنا أن خطابه لا يعطينا تلك النتيجة التي يقدمها في الأخير”، يقول وهبي.

ويرى الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أنه كان من الأفضل العمل أكثر في اتجاه ما تقوم به السلطة، في إشارة إلى وزارة الداخلية، خصوصا فيما يتعلق بالاتصال بالأسر ومعرفة وضعيتها الاجتماعية، لما لها من معرفة ودراية بوضعية هذه العائلات، “هناك أناس يعيشون وضعية ملتبسة، فبالرغم من أن لهم الحق في الاستفادة من الدعم لكنهم حرموا منه، ما يعني أن عملية التواصل مع الأسر الفقير والمتضررة اجتماعيا لم تتم بالشكل الأمثل، لذلك أقول أن عمل الحكومة كان تقنيا واداريا صرفا، ولم يربط هذا العمل التقني بما هو اجتماعي بالشكل الأفضل”.

مقترحا، في هذا السياق، توسيع اختصاصات رجال السلطة من عمال وقياد، ومعهم المسؤولين الذين لهم علاقة مباشرة بالمواطنين، إضافة إلى تمكين مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والهيئة المشرفة على خدمة “راميد”، من صلاحيات أوسع للتعرف على الأسر والفئات التي تحتاج فعلا إلى الدعم، ضمانا لوصول الدعم لكل من يحتاجه. إضافة إلى إلغاء بعض الشروط التي يمكن تجاوزها خلال عملية تقديم طلبات الاستفادة من الدعم، “لأن الهاجس الذي ينبغي أن يسكننا ليس هو ضمان عدم وصول الدعم إلى من لا يستحقه، لأن الأخطر، في هذه الظروف الصعبة، هو أن يُحرم من الدعم من هم في حاجة ماسة إليه”.

واضاف المتحدث ذاته أن “واقع الحال الذي أفرزه انتشار وباء فيروس “كورونا”، أظهر كم أننا متأخرون في كل ما يتعلق بالورش الاجتماعي والنظامين الصحي والتعليمي، وأتمنى أن نستخلص الدروس من هذه الأزمة لتفادي هكذا معيقات مستقبلا”.

وعلاقة بما قدمه رئيس الحكومة من بيانات تهم فترة ما بعد 20 ماي، وهو التاريخ الذي كان من المفترض ان تتم فيه عملية رفع الحجر الصحي، قال وهبي أن البيانات المتعلقة بالوضع الاقتصادي الحالي المقدمة من طرف رئيس الحكومة، لم تجب على جملة من التساؤلات العالقة، منها: كيف سنخرج من هذه الأزمة؟، وما هي اقتراحاته على المستويين القريب والبعيد، وكيف سيتعامل مع الشركات والقضايا الضريبية، وتصوره للقانون المالي، والكثير من المعطيات والقضايا التي لم يتطرق إليها، “والتي يبدو أنه لا يريد أن يدخل في هذا النقاش”، يقول وهبي.

لافتا الانتباه إلى غياب نسق واضح تسير عليه الحكومة، ذلك أنها تخرج بخطاب وسرعان ما تطبق ما يناقضه، معللة ذلك بمبررات غير مقنعة إطلاقا.

ضاربا المثال بتضارب تصريحات رئيس الحكومة الذي أعلن عن قرار تمديد فترة الحجر الصحي لثلاثة أسابيع، فيما خرج بعده مباشرة وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بقرار السماح للمعامل والشركات بالبدء في العمل مباشرة بعد عيد الفطر. قائلا: “كنا نتمنى من رئيس الحكومة، لمكانته الاعتبارية والدستورية والمؤسساتية أن يترأس شخصيا وفعليا لجنة اليقظة الاقتصادية، حتى ينسق بين جميع القطاعات ومكونات اللجنة، لكنه تخلى عن هذا الدور وهو موقف سلبي منه”.

وفي الوقت يرى فيه وهبي أن القرارت تتخذ من داخل الحكومة، فقد أكد أنها مشتتة بين مجموعة القطاعات والوزارات، أصبح معها رئيس الحكومة يقوم فقط بتجميع أجزاء متفرقة من هذه القرارات ويعيد صياغتها على شكل قرارات تعود له، سرعان ما يظهر تناقضها في نهاية المطاف.

وتفاعلا منه مع سؤال حول تصور “الـپــام” للكيفية التي سيتعافى بها الاقتصاد الوطني ويخرج من هذه الازمة بأقل الأضرار، يرى وهبي أنه لا يجب الدخول في انكماش اقتصادي، وأن يتم القيام باستثمارات كبيرة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والعمل على الحد من الضغط الضريبي وأن تدخل الدولة كقطاع عام في الكثير من المجالات التي لا يريد القطاع الخاص الولوج إليها، من أجل خلق مناصب شغل كثيرة، وأنه على الدولة تلعب دورا أكبر في المجال الاقتصادي أكثر من الماضي. داعيا إلى الكف عن مطلب عدم دوام بقاء الدولة بعيدة عن السوق، لأنه آن الأوان لدخولها السوق وأن تقوم بالدعم المالي، وبضخ السيولة المالية اللازمة لتحريك عجلة الاقتصاد حتى يتحقق الفائض في الإنتاج.

وبخصوص الألويات التي قال رئيس الحكومة إنه سيتم التركيز عليها في القانون المالي التعديلي من قبيل التعليم والبحث العلمي والصحة والتشغيل، والتحول الرقمي بوصفه رافعة للتنمية، فيرى وهبي أن هذه الاختيارات، وبالرغم من أنها جيدة ومرحب بها، إلا أنها مرتبطة بسياسات طويلة الأمد، لكن الرهان الآن هو العمل بسرعة من أجل إنقاذ السوق والرساميل والبورصة والشركات الصغرى والمتوسطة، وهو ما يتطلب تدفقا للسيولة في السوق وفي المشاريع التي ستساعد هذه الشركات في الخروج من الازمة، أما الخدمات لوحدها فلن تستطيع دفع السوق إلى الحركية والدينامية والإنتاج بوفرة.
مستبعدا عودة الحكومة، بعد انقضاء الجائحة، بقوة وبروح مبادِرة من خلال الاستثمار في القطاعات الاجتماعية مثل التعليم والصحة، بسبب ما تعيشه من متناقضات ومواجهات من الداخل.

مقتنعا بأن الحكومة التي ليس لها خط ناظم أو نسق عام، وتتنصل الأحزاب المشكلة لها من قانون صادقت عليه في مجلس حكومي، ستحمل معها صراعاتها وتناقضاتها الى المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى