تنظيم ندوة وطنية حول التربية الدامجة بجهة بني ملال خنيفرة
“استثمار” : عبد الصمد صريح
تفعيلا لمقتضيات القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ولاسيما ما يخص ضمان الحق في ولوج التربية والتعليم والتكوين لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة أو وضعيات خاصة، نظمت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بجهة بني ملال-خنيفرة ندوة وطنية في موضوع التربية الدامجة ورهان الجودة، تحت شعار “من أجل مدرسة متجددة، ومنصفة، ومواطنة ودامجة” حضوريا وعن بعد، بمقر هذه الأكاديمية.
وتهدف هذه الندوة التي تميزت بمشاركة مختصين من مختلف المشارب والمجالات التربوية والنفسية والصحية والحقوقية والتدبيرية إلى تسليط الضوء على المرجعيات المؤطرة الخاصة بالتربية الدامجة من حيث الأجرأة والتفعيل وتقاسم التجارب والممارسات وتعزيز قدرات الفاعلين التربويين والشركاء وبلورة مقترحات وتوصيات لتطوير وتجويد الخدمات.
وفي كلمته الافتتاحية أبرز مصطفى السليفاني، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال-خنيفرة أن الاهتمام بالأشخاص في وضعية إعاقة عموما وبالأطفال المتمدرسين من هذه الفئة على وجه الخصوص يندرج في إطار استراتيجية شاملة للدولة المغربية تستند في مرجعياتها الأساسية إلى التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى جعل المنظومة التربوية منظومة دامجة وشاملة ومنصفة تحقق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المتعلمات والمتعلمين، بعيدا عن كل أشكال التمييز والإقصاء من أجل تحقيق الإنصاف والعدالة الاجتماعية.
وأكد أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي حرصت على أجرأة وتفعيل هذه التوجيهات الملكية السامية من خلال التنصيص على حقوق الأطفال في وضعية إعاقة في التمدرس الدامج المنصف، من خلال الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، وكذا من خلال القانون الإطار 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ولاسيما المشروع رقم 4 المتعلق بــ ” تمكين الأطفال في وضعية إعاقة أو وضعيات خاصة من التمدرس” اعتبارا للأدوار الأساسية للمدرسة في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ،وذكر بالأهمية التي توليها هذه الأكاديمية لتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة إسوة بأقرانهم.
بدءاً بتوفير مقعد بيداغوجي لهذه الفئة ومرورا بتشخيص طبي دقيق، ووصولا إلى الإدماج بالفعالية اللازمة الشيء الذي لا يتأتى إلا بمزيد من الجهود للتكيف مع الخصائص الفردية لجميع المتعلمات والمتعلمين، وتكييف تقنيات التعلم والممارسات البيداغوجية وفق خصوصيات كل إعاقة، انسجاما مع مضامين “الإطار المرجعي للتربية الدامجة ” الذي أعدته الوزارة في هذا السياق، والذي يتضمن دلائل ومصوغات للتكوين والتأطير لفائدة الأطر التربوية والإدارية والأسر والجمعيات الفاعلة في المجال.
من جهته أكد السيد محمد حابا مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة في مداخلته أن المركز الجهوي قد استحضر قضايا الإعاقة والدمج المدرسي في صلب برنامج عمله اعتبارا لأدواره البحثية والتكوينية، حيث تميزت السنة التكوينية الحالية بإدراج مجزوءة خاصة تعنى بالتربية الدامجة في البرنامج التكويني لكل من مسلك تكوين أطر الإدارة التربوية وكذا مسلك تكوين أطر الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي قصد إعداد هاتين الفئتين للمساهمة بشكل إيجابي في تنزيل البرنامج الوطني للتربية الدامجة بعد تخرجهما من المركز وتحملهما لمسؤولياتهما الإدارية والتربوية بالمؤسسات التعليمية.
كما أن بعض فرق البحث التي تم إحداثها على مستوى المركز لها اهتمام خاص بالموضوع مذكرا بالتزام المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة بحفظ وتوثيق الانتاجات العلمية والتوصيات التي ستتمخض عن الندوة من خلال تخصيص عدد خاص من مجلة المركز لنشر أعمالها.
وإيمانا من المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة بأهمية الانفتاح على الشركاء، فقد تم على هامش الندوة توقيع اتفاقية شراكة بين المركز واللجنة الجهوية لحقوق الانسان لجهة بني ملال خنيفرة قصد العمل المشترك من أجل النهوض بثقافة المواطنة وحقوق الانسان وتعزيزها وترسيخها في منظومة التربية والتكوين عبر دعم وتقوية قدرات منتسبي المركز الجهوي في مجال التربية على المواطنة وحقوق الإنسان، وتنظيم أنشطة تربوية وإشعاعية في مجال التربية على المواطنة وحقوق الإنسان والمساواة والتسامح وكذا تبادل المعلومات والخبرات والوثائق والمنشورات ذات العلاقة بالمجال.
وفي هذا الإطار أثنى أحمد توفيق الزينبي رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الانسان لجهة بني ملال خنيفرة على أهمية هذه الاتفاقية التي تأتي في سياق البناء المؤسساتي لآليات التعاون والتنسيق التي يراهن عليها المجلس مع مختلف المؤسسات التربية والجامعية من أجل التنشئة والتربية على حقوق الإنسان والنهوض بها وامتدادا لاتفاقية الشراكة الموقعة مركزيا بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي والمجلس الوطني لحقوق الانسان.
كما اعتبر أن هذه الاتفاقية ستسهم في الانفتاح على فئات المتدربين بالمركز من مدرسين وأطر إدارية وترسيخ ثقافة حقوق الانسان لدى هذه الأطر لضمان تصريفها على مستوى المؤسسات التعليمية بعد التخرج من المركز باعتبار أهمية الأوساط المدرسية والجامعية كأوساط للتنشئة التربوية بامتياز.
وقدم الدكتور فؤاد شفيقي مدير المناهج بالوزارة في كلمته التأطيرية سردا تاريخيا لسيرورة التطور التي شهدتها المدرسة المغربية منذ تجربة أقسام الدمج المدرسي منتصف تسعينات القرن الماضي إلى غاية مرحلة التربية الدامجة أو التعليم الشامل.
وذكر بالمجهود الذي بذل من قبل العديد من المختصين التربويين والحقوقيين والصحيين من أجل إعداد الإطار المنهاجي للتربية الدامجة والتي تعد وثيقة تأطيرية لوصف عدد من الإعاقات، وتحديد التعلمات الأساس والتعلمات الداعمة.
وقدم خمسة مداخل لتفعيل تلك الوثيقة: تنويع طريقة ولغة عرض الخطاب (الصوت، والصورة، والإشارة، والكتابة…) من قبل الأستاذ(ة)/المؤطر(ة) داخل الفصل والمدرج والمحترف أخذا بعين الاعتبار الفروقات الملاحظة لدى المتعلمين تحقيقا لمبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص والأخذ بعين الاعتبار طرق التعبير المختلفة وطرق المشاركة لبناء الشخصية والاندماج الاجتماعي ومراعاة التنوع الثقافي واستحضار مقاربة النوع.