المغرب بين نقدٍ عنيد ورقمنةٍ وشيكة: دراسة “فيزا” تكشف مفارقات سوق الأداءات الإلكترونية

الرباط: إستثمار

رغم جاهزية السوق المغربية لولوج مرحلة التحول الرقمي، ما تزال المعاملات النقدية تهيمن بشكل لافت على الحياة الاقتصادية، وفق دراسة استطلاعية حديثة لشركة “فيزا” المتخصصة في تكنولوجيا المدفوعات الرقمية، بعنوان “قيمة القبول (Value of Acceptance Study)”، سلطت الضوء على واقع وآفاق المدفوعات الإلكترونية بالمغرب.

الدراسة، التي شملت 260 مقاولة موزعة بين الرباط والدار البيضاء ومراكش، ترسم صورة دقيقة عن التناقض الذي يعيشه الاقتصاد المغربي بين دينامية رقمية ناشئة وثقافة نقدية راسخة. فـ60 في المائة من المقاولات الصغرى والمتوسطة تعتمد حلولاً رقمية منذ أكثر من ثلاث سنوات، في حين لا تزال 42 في المائة متمسكة بالكاش حصراً، وهو ما يعكس مرحلة انتقالية غير مكتملة في بيئة أصبحت فيها الرقمنة مرادفاً للتنافسية والاستدامة.

تؤكد الدراسة أن المدفوعات الرقمية لم تعد مجرد رفاهية تقنية، بل أداة ملموسة لتحسين الأداء المالي وتحفيز النمو. إذ أشار ثلثا التجار المستجوبين إلى أن اعتماد الأداء الإلكتروني أسهم في رفع المبيعات وجذب الزبناء، فيما عبّر أغلبهم عن نية واضحة في الاستثمار أكثر في تقنيات الدفع الرقمي مستقبلاً.

غير أن هذا التوجه يواجه عقبات متعددة، أبرزها الرسوم المرتفعة على المعاملات (42 في المائة)، وصعوبة الاستغناء عن التعامل اليومي بالنقد (38 في المائة)، وتكاليف تركيب وصيانة الأجهزة (25 في المائة)، إلى جانب “تحفظات ضريبية” ما تزال تُثني العديد من التجار عن التحول الكامل نحو الأداء الرقمي.

ويشير التقرير إلى أن المغرب يتوفر حالياً على حوالي 80 ألف جهاز دفع إلكتروني فقط، مقابل أكثر من 2.5 مليون مقاولة صغيرة وصغيرة جداً، ما يبرز حجم الفجوة بين الطموح الرقمي والواقع البنيوي.

في المقابل، تكشف الدراسة عن تغير في نظرة التجار إلى مخاطر الأداءات الرقمية، إذ بات 56 في المائة منهم أكثر ثقة في حلول الدفع بالبطاقة، مقابل 71 في المائة يرون أن التعامل بالنقد هو الأكثر عرضة للمخاطر كالسرقة والاختلاس. كما أبدى 91 في المائة من مستخدمي هذه الحلول رضاهم عن التجربة، بعدما لاحظ 70 في المائة منهم ارتفاعاً في رقم معاملاتهم و64 في المائة زيادة في عدد الزبناء.

وتخلص “فيزا” إلى أن المغرب يقف أمام فرصة استراتيجية لتعزيز التحول الرقمي في منظومته المالية، شريطة تقوية التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتطوير البنية التحتية، وتحسين الثقة والأمن السيبراني، بما يتيح إطلاق العنان لإمكانات المدفوعات الرقمية كرافعة للتنمية الاقتصادية والشمول المالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى