
والي جهة سوس ماسة يقدّم خارطة طريق تنموية شاملة: نحو عدالة مجالية ومجتمع مزدهر ومستدام
الرباط: إدريس بنمسعود
في عرضٍ شامل ومفصل قدّمه يوم الأربعاء 5 نونبر 2025، رسم السيد والي جهة سوس ماسة ملامح مشروع تنموي طموح يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في التنمية الترابية، مستلهماً في ذلك التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، كما وردت في خطابي عيد العرش (29 يوليوز 2025) وافتتاح السنة التشريعية (10 أكتوبر 2025).
العرض، الذي عُرض أمام فعاليات مؤسساتية ومنتخبة ومدنية، انطلق من فكرة مركزية مفادها أن الزمن قد حان للانتقال من مقاربات التنمية الاجتماعية التقليدية إلى مقاربة ترابية مندمجة، تجعل من المواطن محوراً للسياسات العمومية، ومن العدالة المجالية ركيزة للتنمية الوطنية الشاملة.
الإطار المرجعي: رؤية ملكية من أجل جيل جديد من البرامج التنموية
استشهد السيد الوالي بمقتطفات من الخطابين الملكيين اللذين أكّدا على ضرورة:
إحداث جيل جديد من برامج التنمية الترابية يقوم على الالتقائية والتكامل بين مختلف الفاعلين والمؤسسات.
إعطاء عناية خاصة للمناطق الأكثر هشاشة، خصوصاً الجبلية والواحات والمناطق القروية الصاعدة.
تفعيل آليات التنمية المستدامة للسواحل، انسجاماً مع مقتضيات القانون المتعلق بالساحل الوطني.
تحقيق توازن بين التنمية المتسارعة وحماية الفضاءات الطبيعية.
وقال السيد الوالي إن الرهان اليوم هو توحيد الجهود حول مشاريع ملموسة ذات أثر مباشر على حياة الساكنة، في إطار علاقة “رابح – رابح” بين الوسطين الحضري والقروي.
معطيات سوسيو-اقتصادية: مؤشرات دقيقة لتشخيص الواقع
قدّم العرض مجموعة من المؤشرات حول عمالة أكادير إداوتنان، التي تُعتبر محوراً استراتيجياً في التنمية الجهوية:
عدد السكان بلغ 431,721 نسمة، 70% منهم بالوسط الحضري و30% بالوسط القروي.
نسبة الفقر متعدد الأبعاد سنة 2024 بلغت 0.181، أي ما يعادل 11% من الساكنة.
معدل البطالة بلغ 13.3% على المستوى الجهوي.
نسبة الشباب غير المنخرطين في العمل أو الدراسة (NEET) وصلت إلى 50.2%، أي حوالي 114,475 شاباً.
هذه الأرقام، حسب السيد الوالي، تكشف عن تفاوتات مجالية واجتماعية تستدعي تدخلاً مهيكلاً ومندمجاً.
تحليل SWOT: مكامن القوة والضعف والفرص والتحديات
اعتمد العرض مقاربة تحليلية شملت:
نقاط القوة: مؤهلات طبيعية وبحرية هائلة، موقع استراتيجي، بنية تحتية سياحية متقدمة، وانفتاح اقتصادي.
نقاط الضعف: هشاشة الوسط القروي، محدودية التغطية الصحية والتعليمية في بعض المناطق، والضغط المتزايد على الموارد المائية.
الفرص: الاقتصاد الأزرق، السياحة الجبلية والشاطئية، وتوسع المناطق الصناعية الجديدة.
التحديات: البطالة، الفقر متعدد الأبعاد، وتشتت التدخلات المؤسساتية.
محاور التنمية المندمجة: خمس أولويات استراتيجية
1. التشغيل والاستثمار:
تشجيع القطاعات المنتجة لفرص الشغل (الصيد التقليدي، السياحة، الاقتصاد التضامني، الصناعة التقليدية).
دعم مبادرات Offshoring ومواكبة المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
2. الصحة:
تعزيز المنظومة الصحية بإنجاز مشاريع مثل المستشفى الجامعي CHU أكادير (2025).
تحسين التغطية الصحية وتوفير الموارد البشرية الطبية في المناطق القروية.
3. التربية والتكوين:
تحسين مؤشرات التمدرس التي بلغت نسباً تفوق 95% في التعليم الابتدائي، مقابل نسب انقطاع تقارب 5%.
إطلاق مشاريع توسيع المؤسسات التعليمية وتجهيزها.
4. الماء والبيئة:
تدبير مستدام للموارد المائية، مع تزويد المناطق القروية بالماء الصالح للشرب.
رفع الطاقة الإنتاجية إلى أكثر من 1700 لتر في الثانية سنة 2025.
5. التأهيل الترابي والبنية التحتية:
مواصلة تنفيذ برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية 2017–2023 بكلفة تفوق 421 مليون درهم.
إنجاز مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH) التي تجاوزت استثماراتها 1.44 مليار درهم منذ 2005.
الرسالة المحورية: “تنمية من أجل الإنسان وبالإنسان”
اختتم السيد الوالي عرضه بالتأكيد على أن النجاح في تنزيل برنامج التنمية الترابية المندمجة رهين بوعي جماعي وتعاون مؤسساتي فعّال، مبرزاً أن الرهان الحقيقي هو “تمكين المواطن من ثمار التنمية، في كل جماعة ومجال، دون إقصاء أو تهميش”.
كما دعا إلى جعل التنمية الترابية أفقاً وطنياً مشتركاً، يربط بين المحلي والجهوي والوطني في منظومة واحدة متماسكة، تسهم في تحقيق الرؤية الملكية لمغرب العدالة المجالية والتوازن الترابي.





