عبد العالي بنلياس يقارب تنازع الإختصاصات بين جماعة الرباط وغرفة التجارة من وجهة قانونية إقتصادية وإجتماعية

سلط عبد العالي بنلياس أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط الضوء حول تنازع الإختصاصات بين جماعة الرباط وغرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط سلا القنيطرة، والتجاذب الحاصل بشأن مراجعة القرار الجبائي واحتلال الملك العمومي وعلاقته بارباب المقاهي والمطاعم باعتبرهم منتسبين للغرفة السالفة الذكر.

وعليه يرى عبد العالي بنلياس انه من المؤكد اليوم أن تدبير شؤون الجماعات محددة في صلب الوثيقة الدستورية وفي القانون التنظيمي للجماعات، فالجماعات لها جملة من الصلاحيات كما لرئيس المجلس كسلطة تنفيذية عددا من المهام، ومن ثم فإن الخلاف الدائر اليوم بين رئيسة المجلس كمؤسسة وسلطة تنفيذية والمهنيين خاصة أرباب المقاهي والمطاعم بسبب القرار الجبائي الذي أتخذه المجلس المتعلق بالزيادة في رسوم استغلال الملك العمومي الجماعي ومطالبة أرباب المقاهي والمطاعم الذين لا يتوفرون على رخصة استغلال بتسوية وضعيتهم اتجاه الإدارة الجبائية، قد أخد مجموعة من الأبعاد البعد المؤسسي بين الجماعة و غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالرباط ، والبعد الاجتماعي بين المجلس ونقابة التجار، وبعد مهني من خلال دخول جمعية أرباب المقاهي على خط النزاع.

والحال انه من حيث المبدأ يقول الاستاذ الباحث: ” فإن المجلس طبقا للمادة 92 من القانون التنظيمي للجماعات الصلاحية في التداول في القضايا المالية والجبايات والأملاك الجماعية، وتحديد سعر الرسوم والأتاوى ومختلف الحقوق التي تقبض لفائدة الجماعة في حدود النسب المحددة عند الاقتضاء بموجب القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، كما أن رئيس المجلس طبقا للمادة 94 أن يتخذ القرارات لأجل تحديد سعر الرسوم والأتاوى ومختلف الحقوق طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، وأن يتخذ الإجراءات اللازمة لتدبير الملك العمومي للجماعة، ويمنح رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي الجماعي بإقامة بناء طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.”

كما يضطلع الرئيس يتابع المتحدث ذاته طبقا للمادة 100 بمهمة منح رخص احتلال الملك العمومي دون إقامة بناء وذلك طبق الشروط والمساطير المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

انطلاقا من هذه المقتضيات يورد بنلياس فإن المجلس مارس صلاحياته القانونية التي منحها له القانون، كما أن القانون رقم 19- 57 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية الصادر في 14 يوليو 2021، قد منح من جهته لرئيس الجماعة صلاحية منح رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي بناء على قرار تنظيمي ينشر بالجريدة الرسمية للجماعات الترابية
الأسئلة الذي تطرح هنا هي هل أن هذا القرار الجبائي ملائم لسياق التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا على الوضعية المالية التي يعيشها قطاع المقاهي والمطاعم، وهل كان من الضروري التشاور مع المهنيين قبل اتخاذ مثل هذا القرار الذي يمس مباشرة المحفظة المالية للمهنيين، وماهي الإمكانيات القانوينة التي يجب استغلالها لفتح قنوات الحوار بين الأطراف لنزع فتيل التوتر بين الجماعة والمهنيين.

وزاد بنلياس قائلا: “أكيد أن التشاور المؤسسي ضروري كلما كان هناك نص قانوني يجيزه، بحيث إذا رجعنا للقانون رقم 38-12 كما تم تغييره وتتميمه والمتعلق بالنظام الأساسي لغرف التجارة والصناعة والخدمات، لا يوجد ما ينص صراحة على هذا التشاور، بحيث أن الغرف لها اختصاصات تتعلق بالصفة التمثيلية لدى السلطات العمومية المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية ولها مهام ذات طابع استشاري والتي بموجبها يتوجب على السلطات الإدارية والجماعات الترابية أن تستشير الغرف في القضايا التي تهم على الخصوص التجارة والصناعة والخدمات في دائرة نفوذها الترابي ولا سيما المخازن العامة والمستودعات وقاعات البيع ومكاتب التعبئة والتعيير والمعارض المؤقتة والدائمة والمتاحف التجارية والصناعية وبورصات التجارة ومراكز السماسرة.”

فهذه المقتضيات هي ذات طبيعة استشارية تعمل بها الجماعات الترابية من باب الاستئناس، على حد تعبير بنلياس، وليس فيها ما يشير بشكل واضح إلى التشاور حول القرارات الجبائية وتحديد قيمة الرسوم التي تفرض عن الاحتلال المؤقت للملك العمومي الجماعي ولكن فلسفة دستور 2011 قامت على الديمقراطية التشاركية التي على مختلف المؤسسات التمثيلية والتنفيذية العمل بها، بما يضمن مساهمة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في صناعة القرار العمومي، ويوفر في نفس الوقت ظروف التطبيق الناجع لمختلف القرارات التي تصدر عن هذه المؤسسات، هذه القرارات التي يجب أن تقوم على التوازن بين متطلبات مساهمة التجار والمهنيين في أداء الرسوم الجبائية مقابل الاحتلال المؤقت للملك العمومي، ومراعاة القدرة المالية لأرباب المقاهي والمطاعم والإكراهات التي يواجهونها بفعل تداعيات توقف أنشطتهم التجارية بفعل جائحة كوفيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى