
معاشات منسية في زمن الغلاء… متقاعدون مغاربة يُواجهون الفقر بصمت وسط تجاهل حكومي
الرباط: ريم بنكرة
عاد ملف معاشات المتقاعدين ليشعل الجدل من جديد داخل الأوساط السياسية والاجتماعية، بعد أن وجّه النائب البرلماني منصف الطوب عن الفريق الاستقلالي سؤالًا كتابيًا إلى وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح علوي، طالب فيه الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لرفع المعاشات “الهزيلة” التي يتقاضاها آلاف المتقاعدين المغاربة.
البرلماني أشار إلى أن الزيادات الأخيرة في أجور الموظفين لم تشمل هذه الفئة، رغم أنها من أكثر الفئات تضررًا من ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور القدرة الشرائية، ما جعل كثيرين منهم عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية أو إعالة أسرهم.
وفي ظل الخطاب الرسمي المتكرر حول بناء “دولة اجتماعية”، تبرز مفارقة صارخة: متقاعدون خدموا الوطن لعقود طويلة، أصبحوا اليوم مهمشين في معادلة السياسات الاجتماعية. فهل تشمل هذه الدولة الاجتماعية من يُجبرون على مواجهة الشيخوخة بفُتات معاش لا يكفي حتى لسد تكاليف العلاج؟
الأصوات الغاضبة لم تقتصر على قبة البرلمان، بل امتدت إلى الشارع، حيث عبرت جمعيات المتقاعدين عن استيائها من استمرار تجاهل مطالبهم، وفي مقدمتها مراجعة المعاشات المجمدة منذ أكثر من ربع قرن، ومشاركتهم الفعلية في الحوار الاجتماعي.
هذه الجمعيات تتهم الحكومة بتجاهلهم بشكل ممنهج، وتُلوّح بالتصعيد مع اقتراب الدخول الاجتماعي المقبل، من خلال خطوات احتجاجية تهدف إلى لفت الانتباه لقضيتهم وإدراجها ضمن أولويات المرحلة القادمة.
المثير للقلق أن بعض المتقاعدين لا يتجاوز معاشهم 1000 درهم شهريًا، في وقت ترتفع فيه أسعار الأدوية والغذاء والنقل، ما يجعل العيش الكريم حلمًا بعيد المنال. ويخشى مراقبون من أن يؤدي استمرار تجاهل هذه الفئة إلى تصاعد موجات الاحتجاج والتوتر الاجتماعي.
ورغم كل الدعوات إلى إصلاح عادل وشامل لمنظومة التقاعد، فإن الحكومات المتعاقبة ركزت على الأرقام والاختلالات التقنية، وتغافلت عن جوهر المعضلة: غياب العدالة الاجتماعية، واستمرار معاناة فئة أنهكها الزمن والتهميش.