
من الاعتراف الضمني إلى الإقرار الصريح: مجلس الأمن يكرّس مغربية الصحراء والمبادرة المغربية تنتصر دبلوماسياً
الرباط: ريم بنكرة
يدخل ملف الصحراء المغربية، بعد القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي، مرحلة نوعية غير مسبوقة في مسار النزاع المفتعل، إذ انتقل من مرحلة “الاعتراف الضمني” إلى الاعتراف الأممي الصريح بحقوق المغرب التاريخية والسيادية على أقاليمه الجنوبية، كما أكد ذلك الأستاذ عبدالعالي بنلياس، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح تحليلي لموقع “هبة بريس”.
ويرى بنلياس أن الدبلوماسية المغربية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، نجحت في تحقيق تحول جوهري داخل أروقة الأمم المتحدة، حيث تمكنت من انتزاع موقف واضح يعتبر مبادرة الحكم الذاتي المرجع الوحيد والعمود الفقري لأي مفاوضات مستقبلية بين الأطراف المعنية، وهو ما يشكل ـ من وجهة نظره ـ “نهاية رسمية لكل الطروحات القديمة، بما فيها خيار الاستفتاء الذي تجاوزه الزمن”.
ويستشف من هذا التطور أن الرؤية المغربية أصبحت المنطلق والغاية في الوقت ذاته لأي مسار تفاوضي جديد، حيث ستركز جهود المبعوث الأممي على تفعيل تفاصيل الحكم الذاتي وتطوير آلياته، بدلاً من إعادة فتح نقاشات عقيمة حول طبيعة النزاع أو صيغ الاستقلال المزعوم.
وهذا التحول يعكس أيضاً نضج المقاربة المغربية التي تجمع بين الواقعية السياسية والشرعية التاريخية، في مقابل تآكل الخطاب الانفصالي الذي فقد الدعم الإقليمي والدولي الذي كان يستند إليه لعقود.
ويقارن بنلياس بين المرحلة الحالية وسابقاتها، مبرزاً أن القرارات الأممية السابقة كانت تتسم بنوع من الغموض والتوازن المصطنع بين الأطراف، في حين أن القرار الأخير حسم الاتجاه لصالح رؤية المغرب، مؤكداً أن “الأمم المتحدة لم تعد تتعامل مع القضية كملف نزاع ترابي تقليدي، بل كحالة نموذجية للحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية”.
كما أن المقاربة الجديدة لا تنفصل عن المناخ الدولي المتغير، الذي بات يرفض منطق الانفصال والكيانات المصطنعة، ويشجع الحلول السياسية الواقعية الكفيلة بضمان الاستقرار في المناطق الحساسة. في هذا السياق، أصبح المقترح المغربي بمثابة خيار حضاري وعملي، ينسجم مع فلسفة الأمم المتحدة في تسوية النزاعات على أساس التوافق والسيادة الوطنية.
ويخلص الأستاذ بنلياس إلى أن الحكم الذاتي في الصحراء المغربية لم يعد مجرد مقترح تفاوضي، بل تحول إلى رؤية استراتيجية متكاملة تتيح لسكان الأقاليم الجنوبية المشاركة الفعلية في تدبير شؤونهم المحلية في إطار دولة موحدة، وتحت راية واحدة هي علم المملكة المغربية.
وبذلك يكون المغرب قد طوى فعلياً صفحة الشكوك، ودخل عهد الشرعية الأممية الكاملة لمغربية الصحراء، بفضل سياسة حكيمة جمعت بين الحنكة الدبلوماسية والوضوح في الموقف، لتؤكد أن الواقعية السياسية والشرعية التاريخية تلتقيان اليوم في نقطة واحدة: الصحراء مغربية إلى الأبد.





