مأساة فاس تتعمّق.. 22 روحاً تحت الأنقاض وانهيار عمرانـي يكشف هشاشة السكن ووجع الإهمال

فاس: إستثمار

ارتفعت الحصيلة البشرية للفاجعة التي هزّت حي المستقبل بالمنطقة الحضرية المسيرة بمدينة فاس إلى 22 قتيلاً، في واحدة من أكثر الحوادث دموية التي عرفتها المدينة خلال السنوات الأخيرة، فيما استقرت حصيلة المصابين في 16 شخصاً، لا يزالون يخضعون للعلاجات الضرورية والفحوصات الطبية بالمركز الاستشفائي الجامعي بفاس، وسط متابعة طبية دقيقة لحالاتهم الصحية.

وحسب معطيات السلطات المحلية، فإن فرق الإنقاذ والوقاية المدنية تواصل، دون توقف، عمليات التمشيط الدقيق لموقع الانهيار ورفع الأنقاض الثقيلة، في سباق مؤلم مع الزمن، تحسباً لاحتمال وجود أشخاص عالقين تحت الركام. هذه العمليات تتم في ظروف صعبة، تتطلب دقة كبيرة بسبب هشاشة ما تبقى من المباني، وخشية وقوع انهيارات إضافية قد تهدد حياة المنقذين والسكان المجاورين.

وفي إطار الإجراءات الاحترازية، جرى تطويق محيط الحادث بشكل كامل، مع إجلاء قاطني البنايات المجاورة وإخضاعها لخبرة تقنية عاجلة، حفاظاً على سلامة الأرواح ومنع تكرار سيناريوهات مأساوية مماثلة. وقد خلّفت هذه التدابير حالة من القلق والارتباك في صفوف الأسر التي وجدت نفسها مضطرة لمغادرة منازلها على عجل، في انتظار حلول بديلة تضمن لها الحد الأدنى من الأمان.

الفاجعة أعادت بقوة إلى واجهة النقاش العمومي معضلة البنايات الآيلة للسقوط بمدينة فاس، المدينة التي تجمع بين القيمة التاريخية والضغط العمراني المتزايد، في ظل تأخر الحلول الجذرية وقصور برامج إعادة التأهيل. كما طرحت من جديد أسئلة مؤلمة حول المسؤوليات المتداخلة، وفعالية المراقبة، ومدى التزام مختلف المتدخلين بتفعيل آليات الوقاية قبل أن يتحول صدع في جدار إلى مأتم جماعي.

وإلى حين صدور النتائج النهائية للتحقيقات التقنية والقضائية الجارية، تبقى فاجعة حي المستقبل جرحاً مفتوحاً في ذاكرة المدينة، ورسالة إنذار قاسية مفادها أن كلفة الإهمال العمراني تُدفع دائماً من أرواح الأبرياء، وأن الحق في سكن آمن لم يعد ترفاً، بل ضرورة استعجالية لا تحتمل المزيد من التأجيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى