
المغرب يقترب من أن يصبح قوة كهربائية عالمية… رينو وشركات كبرى تتسابق لبناء مستقبل السيارات النظيفة
الرباط: ريم بنكرة
يشهد المغرب طفرة متسارعة في مجال صناعة السيارات الكهربائية، مدفوعًا برؤية حكومية ترمي إلى تعزيز مكانة المملكة كمنصة صناعية وتكنولوجية قادرة على منافسة أكبر الفاعلين العالميين. وفي هذا الإطار، كشفت منصة “الطاقة” أن شركة رينو الفرنسية تستعد لإطلاق مصنع جديد مخصص لإنتاج السيارات الكهربائية داخل منصة “الناظور غرب المتوسط”، في خطوة تُبرز ثقة المجموعة في القدرات الصناعية للمغرب، خاصة مع قرب دخول الميناء الضخم حيز التشغيل عام 2026 باستثمارات حكومية تناهز 4.2 مليارات دولار، ما سيحوّل المنطقة الشرقية إلى قطب صناعي ولوجستي واعد قادر على جذب استثمارات عالمية في الصناعات النظيفة.
وتأتي هذه الخطوة متزامنة مع إعلان رينو عن دخول مرحلة جديدة في استراتيجيتها الممتدة بين 2025 و2030، تقوم على دمج التصنيع الكهربائي تدريجيًا ورفع القدرة الإنتاجية عبر تعزيز التوريد المحلي، الذي تستهدف أن يبلغ 2.5 مليار يورو في 2025 وصولًا إلى 3 مليارات يورو لاحقًا. وتمتلك الشركة قاعدة صناعية قوية في المغرب منذ عام 2012، حيث تنتج مصانعها في طنجة والدار البيضاء أكثر من 413 ألف سيارة سنويًا، يُصدَّر 90% منها إلى 68 دولة، ما يجعل المغرب أحد أهم مواقع إنتاج المجموعة خارج أوروبا.
وتعكس الاتفاقية الاستثمارية الموقعة بين رينو والحكومة المغربية في أكتوبر 2025 تحولًا بارزًا في مسار الصناعة، إذ تمتد حتى 2030، وتهدف إلى تحديث خطوط الإنتاج، وإطلاق طرازات كهربائية وهجينة جديدة، فضلاً عن إنشاء مركز هندسي للبحث والتطوير قبل نهاية 2025، وهو ما سيعزز الاستقلالية التقنية للصناعة الوطنية ويخلق آلاف فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة، في وقت يشهد فيه العالم تحولًا متسارعًا نحو النقل الأخضر.
ولا يقتصر سباق الاستثمار على رينو وحدها، إذ تتجه مجموعات صينية كبرى إلى دخول السوق المغربية من خلال مشاريع مماثلة، في ظل الديناميكية المتنامية لقطاع السيارات الذي أصبح الأول تصديريًا في البلاد. وتشير المعطيات إلى أن اهتمام رينو بمنشأة ثانية للسيارات الكهربائية يعكس قوة سوق يعرف منذ 2025 إقبالًا متزايدًا من شركات عالمية مثل “تيسلا”، التي افتتحت فرعًا محليًا لتوزيع السيارات والصيانة، مع خطط لإقامة مصنع تجميع بالقنيطرة بطاقة 400 ألف وحدة سنويًا، إضافة إلى توسع علامة “بي واي دي” الصينية التي أصبحت الأكثر مبيعًا في فئة السيارات الهجينة القابلة للشحن بحصة 32%، إلى جانب تقدم ملحوظ في مبيعات السيارات الكهربائية، ودخول شركة Zeekr بأسطول جديد من النماذج المتطورة.
وتتوقع مؤسسة بي إم آي نموًا سنويًا يفوق 36% في مبيعات السيارات الكهربائية بالمغرب إلى حدود 2034، إذ يُرتقب أن يرتفع عدد السيارات النظيفة من 11 ألف وحدة في 2025 إلى 236 ألفًا في 2034، بما يمثل 4.8% من مجموع أسطول المركبات الوطني. وتعزز هذه الأرقام المتفائلة مؤشرات جاهزية السوق المغربية لاستقطاب استثمارات أكبر، مع توسع البنية التحتية للشحن وتزايد وعي المستهلكين والمستثمرين بأهمية التحول نحو الصناعات الخضراء، ما يضع المملكة على عتبة تحول تاريخي نحو ريادة إقليمية في صناعة السيارات الكهربائية.





