اليوم الوطني للمهندس المعماري.. نحو رؤى جديدة لحواضر الغد
يعد اليوم الوطني للمهندس المعماري المصادف لـ14 يناير من كل سنة، مناسبة متجددة للتوعية بالرهانات والتحديات التي ستواجه المدن المغربية مستقبلا بما في ذلك مشكلة تدهور المشهد الحضري والقضايا البيئية.
فقد باتت قضايا الازدحام والنقل المشترك واقتصاد الطاقة، وانعدام الأمن وتدبير النفايات وارتفاع تكلفة تدبير الفضاءات الحضرية وغيرها من الإكراهات تستلزم إيجاد حلول مبتكرة تضع المواطن في صلب النقاش وتساهم في أنسنة مدينة الغد ومصالحتها مع البيئة.
ويتم في هذه المناسبة السنوية استحضار الخطاب السامي الذي وجهه جلالة المغفور له الحسن الثاني في 14 يناير 1986 لهيئة المهندسين المعماريين باعتباره مرجعا لمجال يعتبر حجر الزاوية في أي تنمية.
كما تحتفي هيئة المهندسين المعماريين في هذا الموعد، بالرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 18 يناير 2006، والتي أكد فيها جلالته على العناية التي يوليها لهذه المهنة، وعلى المكانة الرئيسية التي يحتلها المهندسون المعماريون في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة.
ويستند الاحتفاء بهذا اليوم الوطني أيضا على رؤية شاملة لإعداد التراب لا ترى في التراث مجرد إرث بسيط أو مكونا جهويا منفصلا عن سياقه الذي أنتجه وعناصره التفاعلية المختلفة، بل تعتبره نقطة انطلاق تقوم على أساسها التنمية المحلية.
ومن هذا المنطلق بات مهنيو القطاع مدعوين إلى تكريس هذه المناسبة لتبادل الخبرات في مجال الهندسة المعمارية، والانكباب على مناقشة المواضيع التي تهم التعمير رفقة المؤسسات والمهنيين ومختلف الشركاء في القطاع وذلك من خلال الندوات والمعارض وورشات التفكير والحملات الميدانية، ونحوها من الأدوات.
علاوة على ذلك يغتنم الفاعلون هاته المناسبة لمواكبة التغيرات المجتمعية والعالمية المتسارعة وكذا آليات الاشتغال التي تتيح للمهندس المعماري تحليل الإطار الذي يعمل فيه وقياس تأثير تدخله على المجتمع، مما يساعده على تجويد وتثمين الموروث المعماري الأصيل للمغرب، وتدارس الإمكانيات التي يتيحها استثماره في الدورة الاقتصادية.
وفي إطار توجه المملكة نحو تعزيز أدوار الجهة وتثمين موروثها باعتباره مكونا بنيويا لهوية الجهة ورافعة لخلق الثروة اقترن الاحتفاء باليوم الوطني للمهندس المعماري في السنوات الأخيرة بتعزيز سياسة حماية النظم الإيكولوجية المهددة بالانقراض والمواقع الطبيعية في الجهات، والموروث المعماري والعمراني الذي تزخر بها، وذلك سعيا لتأسيس دينامية جديدة للتنمية الجهوية.
إلى جانب ذلك وارتباطا بالمتغيرات التي اقترنت بالجائحة الصحية العالمية سيكون مهنيو الهندسة المعمارية فاعلين أساسيين في تفعيل ورش التهيئة المجالية ما بعد جائحة كوفيد-19، التي تعتبر مسألة ذات أولوية في البرامج الحكومية والسياسات العمومية.
وفي هذا الصدد تبرز أهمية التعريف بأدوار المهندس المعماري واختصاصاته ومسؤولياته، مما يستلزم بذل المزيد من الجهود لخلق تواصل مباشر ما بين المواطنين وهيئات المهندسين قصد الولوج إلى المعلومات التي تهم مشاريعهم المتعلقة بالبناء والتعمير والمساطر القانونية الخاصة بها.