
“شرفات أفيلال والإعفاء السياسي: حين تتحول حماية الماء إلى تهمة”
الرباط: إستثمار
في شهادة صريحة تكشف جوانب خفية من صناعة القرار السياسي بالمغرب، ألقى رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، ضوءاً كاشفاً على الكواليس التي أطاحت بشرفات أفيلال من منصبها ككاتبة دولة مكلفة بالماء. خلال مشاركته في ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، لم يتردد حموني في الربط بين إعفاء أفيلال وبين مواقفها الصارمة بشأن استنزاف الموارد المائية، خصوصاً من طرف المستفيدين من زراعة “الدلاح” في مناطق تشهد إجهاداً مائياً حاداً.
وفقاً لحموني، فإن الوزيرة المقالة لم تدفع ثمن فشل في الأداء، بل كان خطأها الوحيد – أو بالأحرى جريمتها السياسية – هو “إدخال يدها في عش الدبابير”، عبر انتقادها لشركات المياه المعدنية وتنديدها العلني بخطورة تدهور الفرشة المائية في منطقة زاكورة. دفاعها عن أولوية توفير الماء الشروب للسكان جعلها تصطدم بمصالح اقتصادية نافذة، لتتم إزاحتها لفائدة من سمح بتوسع غير مقيد للأنشطة الزراعية المُجهِدة للمياه.
هذا المعطى يطرح سؤالاً حارقاً حول مدى استقلالية القرار السياسي في مواجهة لوبيات اقتصادية قوية، وقدرة المؤسسات الحكومية على حماية الصالح العام في ظل هيمنة منطق الربح السريع ولو على حساب الأمن المائي.
فبعد أكثر من ست سنوات من أزمة مائية متواصلة، وجد المغرب نفسه في وضعية تتطلب تدخلاً ملكياً مباشراً، كما تجلى في سلسلة المجالس الوزارية التي ترأسها الملك محمد السادس خصيصاً لمعالجة هذه الإشكالية الحيوية. غير أن هذا التدخل المركزي لا يمكن أن ينجح ما لم تُصغ آذان صناع القرار إلى أصوات الخبراء والمسؤولين الحقيقيين الذين لا يساومون على مستقبل الأجيال، مثلما حاولت أفيلال أن تفعل.
الإعفاء إذن لم يكن مجرد حركة إدارية، بل مؤشر خطير على حدود الإصلاح داخل المؤسسات وعلى كلفة الجهر بالحقيقة في وجه مصالح كبرى لا تتردد في الضغط لإسكات كل من يعارضها.