
عاصفة الجبايات تهز مجلس الرباط… والفريق الاشتراكي يكشف “الوجه الخفي” لقرار يُهدد العدالة المجالية
الرباط: إدريس بنمسعود
في خطوة لافتة تحمل أكثر من دلالة سياسية وقانونية، أعلن الفريق الاشتراكي مقاطعته للدورة الاستثنائية لمجلس مدينة الرباط المنعقدة في 3 دجنبر، احتجاجاً على ما وصفه بـ“خروقات جسيمة” طالت مسار إعداد القرار الجبائي المتعلق بالرسوم المفروضة على الأراضي الحضرية غير المبنية. وهي مقاطعة لا تأتي فقط كرفضٍ إجرائي، بل كانت تعبيراً عن أزمة أعمق تتعلق بمنهجية اتخاذ القرار الجبائي ومدى ارتباطه بالواقع العمراني على الأرض.
ففي خلفية هذا البلاغ، يطرح الفريق الاشتراكي إشكالاً مركزياً: هل يمكن للمدينة أن تفرض رسوماً على أراضٍ تُعامل كأنها مجهزة في حين أنها تفتقر إلى أبسط شروط التهيئة؟ يشير الفريق إلى أن عدداً من المناطق داخل النفوذ الترابي للرباط لا تتوفر على الصرف الصحي، ولا على الطرق المعبدة، ولا الإنارة، ولا الماء الصالح للشرب، بل إن بعضها غير مدرج أساساً في وثائق التعمير، مما يجعل إخضاعها لرسوم الأراضي الحضرية غير المبنية ضرباً لقواعد العدالة الجبائية.
وتقف هضبة عكراش، بمساحتها البالغة 1300 هكتار، كنموذج صارخ لهذا الخلل. فهي منطقة لا تتوفر على الحد الأدنى من التجهيزات، ورغم ذلك يُراد التعامل معها جبائياً كما لو كانت امتداداً لمناطق الرباط المجهزة.
ويعتبر الفريق أن هذا التوجه لا يسيء فقط إلى السكان والمالكين، بل يضرب في العمق روح المادة 45 من القانون 47.06 المعدل بالقانون 14.25، التي تميّز بوضوح بين وضعيات الأراضي وفق مستوى تجهيزها.
لكن البعد القانوني لا يقف عند مضمون القرار الجبائي، بل يشمل — وفق البلاغ — طريقة إعداده. إذ يسجل الفريق اختلالات مسطرية متعددة: استدعاءات غير محترِمة للآجال القانونية، وثائق ناقصة عند الدعوة للاجتماع، ممارسات تمييزية في توجيه الدعوات، واجتماع لجنة انعقد في ظروف لا تضمن نقاشاً سليماً ومتوازناً. وهي ممارسات، إن صحت، لا تقوض شرعية القرار فقط، بل تطرح أسئلة حارقة حول طريقة تدبير الشأن المالي المحلي واحترام قواعد الحكامة.
ولأن الجبايات ليست مجرد أرقام على الورق، بل أداة تعكس رؤية المدينة لمجالها وتنميته، فإن البلاغ يعيد النقاش إلى جوهره: هل يجوز فرض رسوم دون توفير الخدمات؟ وهل يمكن الحديث عن عدالة جبائية في ظل غياب عدالة مجالية؟
وبناءً على هذه المعطيات، يطالب الفريق الاشتراكي بالتراجع عن القرار، ووقف أي فرض للرسوم على الأراضي غير المجهزة، وإعادة دراسة الملف ضمن مسطرة قانونية شفافة تستند إلى معايير موضوعية وتربط الجباية بمستوى التجهيز الفعلي وليس بالتصنيفات النظرية أو الاعتبارات التقنية المجردة.
وبلغة سياسية واضحة، يعلن الفريق أنه سيظل “مدافعاً عن الشرعية القانونية والعدالة الجبائية”، في رسالة توحي بأن المواجهة الجبائية داخل مجلس الرباط ليست تقنية فقط، بل سياسية أيضاً، وأن ملف الرسوم على الأراضي غير المبنية قد يتحول إلى أحد أكثر الملفات حساسية في علاقة المواطنين بالإدارة، وفي تقييم مدى احترام مبادئ الحكامة والشفافية داخل العاصمة الإدارية للمملكة.





