بين الفوز والخسارة… المنتخب المغربي يهزم جزر القمر ويهزم نفسه بإصرار غير منطقي على رومان سايس

الرباط: إدريس بنمسعود

حقق المنتخب المغربي فوزًا منطقيًا على نظيره من جزر القمر بهدفين دون رد، في مباراة كان يُنتظر أن تكون فرصة مثالية لطمأنة الشارع الرياضي المغربي قبل الاستحقاقات الأكبر. إلا أن هذا الانتصار الذي قد يبدو مريحًا من حيث النتيجة، سرعان ما تحول إلى مصدر قلق كبير بفعل إصابة المدافع رومان سايس التي غيّرت مسار النقاش من الأداء والنتيجة إلى التخطيط والإصرار والقرارات غير المدروسة.

ففي اللحظة التي انتظر فيها الجميع تأكيدًا جديدًا على صلابة “أسود الأطلس”، وجد الجمهور نفسه أمام خسارة لاعب في الدقائق الأولى: خسارة لاعب محوري، وقائد دفاعي، بإصابة جاءت في ظروف غامرة بالعلامات الاستفهامية. وهنا تبدأ مسؤولية وليد الركراكي، المدير الفني للمنتخب المغربي، الذي وجد نفسه -بقرار منه- محور انتقاد شديد، لأن إشراك سايس كان قرارًا محفوفًا بالمخاطر منذ البداية.

الصور التي بثتها قناة “بي إن سبورت” اثناء فترة الإحماء قبل المباراة وخلال دقائقها الأولى كشفت مؤشرات واضحة على عدم جاهزية رومان سايس بدنيا.

المشاهد تُظهر معاناة بدنية تستدعي التريث والحذر، لا المجازفة. ومع ذلك، تم الزج به أساسيًا في مباراة لم تكن تتطلب رسائل رمزية أو وفاءً لذكريات مونديال قطر، بقدر ما كانت تحتاج إلى واقعية فنية وحسابات ميدانية دقيقة.

كرة القدم، كما الحياة، لا ترحم من يتجاهل المنطق. حين يُستدعى الاسم بدل الجاهز، وحين تتدخل العاطفة بدل التحليل، يصبح الخلل واضحًا قبل صفارة النهاية. الدقائق الأولى كانت كافية لفضح هشاشة قرار الركراكي.

إصابة سايس لم تسقط من السماء، بل تمت ولادتها من قرار فني غير موفق.
قد يقول البعض إن المنتخب حقق المطلوب وفاز وفرض رتمه وسيطر على المباراة، وإن الأداء لم يكن سيئًا. لكن المكاسب الرقمية لا يمكن أن تحجب الأخطاء الاستراتيجية. الفوز لم يكن صعبًا، ولم يكن خصم المنتخب في مستوى يفرض المخاطرة بلاعب مصاب وغير جاهز بدنيا بسبب قلة التنافسية.
ما حدث ليس سوء حظ، بل سوء تقدير.

في الوقت الذي يحتاج فيه المنتخب المغربي إلى الثبات في الخط الخلفي، وإلى لاعبين في كامل جاهزيتهم البدنية والذهنية قبل المواعيد الكبرى، يفقد الركراكي الآن لاعبًا محوريًا كان يمكن الحفاظ عليه ببساطة: مقعد احتياط او إستدعاء لاعب اكثر تنافسية وجاهزية من قبيل باعوف او بوفتيني.

إن ما حدث درس جديد في كيفية إدارة المباريات والموارد البشرية داخل المنتخب. جمهور الكرة المغربية لا يطالب بالمستحيل، بل فقط بالمهنية والوضوح والقرارات التي تُبنى على معطيات وليس على انتماء عاطفي
للاعبين كانوا نجومًا في مونديال قطر.

البطولة تلك كانت فصلًا مجيدًا من التاريخ، لكن صفحات المجد لا تُكتب بالذكريات، بل بالأقدام التي تستطيع الركض اليوم، لا أمس.

المنتخب المغربي فاز، نعم. لكنه في الآن ذاته خسر. الخسارة مؤلمة لأنها كانت قابلة للتجنب، ولأنها أعادت طرح سؤال أعمق: هل يعاني المنتخب من ثبات تكتيكي، أم من مرونة تكتيكية؟ وهل يواصل الركراكي الاعتماد على الأسماء أم على الجاهزية؟

العدل قد يتأخر، لكنه لا يغيب. الدقائق الأولى كانت مرآة. والمرآة لا تكذب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى