التعليم في زمن الرقمنة: نحو نموذج مغربي بريطاني لتحقيق تكافؤ الفرص والذكاء الجماعي

نظمت غرفة التجارة البريطانية للمغرب (BritCham) لقاء علميا تحت عنوان “التعليم في عصر الرقمنة: نحو نموذج تعليمي مفتوح، هجين وشامل؟”، جمع أكثر من مائة مشارك من قطاعات الأعمال والتعليم والمؤسسات العامة والمجتمع المدني لمناقشة التحولات الرقمية وتأثيرها على منظومة التعليم.

شهد الحدث مشاركة نخبة من الخبراء المغاربة والبريطانيين، من بينهم كريم بنحدو، المدير العام المساعد لغرفة التجارة البريطانية بالمغرب، وعديل المهدي، باحث ومدرب في الذكاء الاصطناعي المطبق على التعليم، ومحسن عجة، الرئيس التنفيذي لشركة تطوير التعليم، وريتشارد أودي، مدير المدرسة البريطانية الدولية بالدار البيضاء، وحسن بلحياه، أستاذ نائب عميد جامعة محمد السادس بالرباط.

افتتح كريم بنحدو اللقاء بالتأكيد على ضرورة تجاوز الحدود التقليدية للتعليم نحو نماذج أكثر مرونة وتركيزا على المتعلم، مشيرا إلى أن التعاون بين المغرب والمملكة المتحدة في مجالات البيداغوجيا والأخلاقيات والتكنولوجيا يشكل أرضية شراكة مستدامة، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي.

من جانبه، قدم عديل المهدي تحليلًا تاريخيا لتطور الرقمنة، موضحًا ثلاث مراحل رئيسية: إنترنت المعلومات، إنترنت الأشخاص والأشياء، وإنترنت التجربة المتمثل في الميتافيرس، مع التركيز على خمسة ركائز أساسية تشمل التفاعل الاجتماعي الحسي، والتحكم والتفاعل الذكي، وإنشاء سيناريوهات تعليمية موجهة، وتصميم شامل يسهل الوصول للجميع. ودعا إلى ضرورة إعداد النظام التعليمي المغربي لمواجهة تحديات المستقبل مثل كأس العالم 2030 التي تتطلب قوة عاملة مؤهلة ومتعددة اللغات ومتمكنة رقميا.

وفي السياق ذاته أكد محسن عجة على أهمية تخصيص التعلم كوسيلة للدمج الاجتماعي، مشيرا إلى استخدام أدوات رقمية تساعد في تعلم اللغات ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة مهنيا، كما نوه بأهمية الواقع الافتراضي في تسريع اكتساب المعرفة، داعيا إلى شراكات ذكية بين القطاعين العام والخاص تضمن نتائج ملموسة للمتعلمين.

أما ريتشارد أودي فأكد على ضرورة الحفاظ على التوازن بين الأساليب التعليمية التقليدية والأدوات الرقمية، محذرا من الإفراط في استخدام التكنولوجيا، ومشددا على أن مقياس النجاح الحقيقي هو تقدم المتعلم.

وفيما يخص التعليم العالي أشار حسن بلحياه إلى المكاسب التي حققها التعليم الرقمي من حيث الاستقلالية والتفاعل والمرونة، لكنه لفت الانتباه إلى الفجوة الرقمية التي تعمق التفاوت الاجتماعي، داعيا إلى استراتيجية وطنية شاملة تجمع بين الوصول التكنولوجي، وتعزيز المهارات اللغوية، وشراكات مع مشغلي الاتصالات، معتبرا أن رغبة 80% من طلاب السنة الأولى في التخصص بالإنجليزية مؤشر واضح على ضرورة دمج المغرب في الاقتصاد العالمي.

وفي الإطار ذاته أجمع الحاضرون على أن التحول الرقمي في التعليم يجب أن يتجاوز الجانب التكنولوجي ليشمل مراجعة الممارسات والقيم ونماذج الحوكمة، مع ضرورة بناء رؤية استراتيجية مشتركة تضمن تعليما إنسانيا، شاملا، هجينا ومركزا على المتعلم لتحقيق تكافؤ الفرص والذكاء الجماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى