جهة سوس خارج التغطية: هل يعيد السعدي إنتاج التهميش من داخل الجهة؟

آكادير: إستثمار

عاد شبح التهميش ليخيم من جديد على جهة سوس ماسة، لكن هذه المرة على يد أحد أبنائها، الوزير لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

جاء ذلك عقب قرار إقصاء الجهة من النسخة السادسة من برنامج “مؤازرة” أثار موجة انتقادات حادة، حيث وُصف بالـ”مفاجئ والمجحف”، خاصة وأن البرنامج موجه أصلاً لدعم التعاونيات والمشاريع الترابية في إطار الاقتصاد التضامني.

في وقت تنتظر فيه جهات كبرى مثل سوس ماسة إنصافاً تنموياً يعيد التوازن إلى خريطة الدعم العمومي، جاء هذا الإقصاء ليعمّق الجراح، ويعيد طرح أسئلة محرجة حول منطق توزيع المشاريع العمومية: هل هو قائم على معايير تنموية واضحة، أم يخضع لحسابات سياسية وانتقائية ظرفية؟

المفارقة الأكبر أن القرار جاء من وزير ينحدر من الجهة نفسها، وكان إلى وقت قريب نائباً عن تارودانت، بل وشارك منذ أسابيع فقط في مهرجان بتيزنيت أطلق فيه ما سماه “إيكوسيستم الفضة”، واعداً بإعادة الاعتبار للحرفيين. غير أن الوعود شيء، والقرارات الواقعية شيء آخر، ما غذّى شعوراً متزايداً داخل الجهة بأن “الانتماء المجالي لا يساوي شيئاً أمام منطق المزاجية المركزية”.

الانتقادات لم تتأخر؛ ففعاليات جمعوية ومهنية من تيزنيت وأكادير وصفت الإقصاء بأنه “إنكار لدور سوس في دعم الاقتصاد الاجتماعي”، واعتبرته مؤشراً على “لامبالاة ممنهجة” تجاه الفاعلين المحليين. فكيف يُستثنى مجال يزخر بإنتاجات حرفية كالأركان، والعسل، والفضة، والزربية، ويُعرف بريادته التاريخية في الصناعات التقليدية، من دعم حكومي يُفترض أنه تنموي؟

في ظل هذا الصمت الرسمي، تزايدت الأصوات المطالبة بتوضيح خلفيات القرار، خاصة أن الوزارة لم تصدر أي بلاغ تفسيري، رغم شروع العديد من التعاونيات في توجيه رسائل احتجاج واستفهام إلى المسؤولين المحليين والمنتخبين.

هذا الغموض غذّى الاتهامات بغياب الشفافية، واستمرار منطق “مركزية بيروقراطية” تتعامل مع الجهات بمنطق فوقي لا يعير اهتماماً للعدالة المجالية. فهل أصبحت جهة سوس، برصيدها التراثي والاقتصادي، عبئاً على خريطة الدعم بدل أن تكون شريكاً في التنمية؟

الخلاصة أن استبعاد سوس ماسة من برنامج “مؤازرة” كشف عطباً أعمق من مجرد قرار إداري، وأزاح الستار عن أزمة ثقة حقيقية في جدوى السياسات التنموية التي تفتقد للرؤية التشاركية وللإنصاف الترابي.

فهل يُراجع الوزير قراره؟ أم أن ما حدث ليس سوى نموذج جديد لاستدامة التفاوتات باسم “التنمية”؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى