
الملك محمد السادس يدعو إلى تسريع مسيرة العدالة الاجتماعية والمجالية وتحصين الثقة المؤسساتية
الرباط: إستثمار
في خطابٍ تميّز بالواقعية والصرامة في آنٍ واحد، افتتح الملك محمد السادس الدورة الأولى من السنة التشريعية الأخيرة للولاية الحالية، موجهاً رسائل سياسية وتنموية عميقة إلى الحكومة والبرلمان والأحزاب والمجتمع المدني، داعياً إلى تعبئة شاملة لمواجهة التحديات الاجتماعية والمجالية، وترسيخ ثقافة النتائج والمسؤولية.
برلمان على موعد مع سنة الحصاد
أشاد الملك في مستهل خطابه بجهود البرلمان في التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية، لكنه ذكّر البرلمانيين بأن السنة الأخيرة من ولايتهم ليست موسم حصاد انتخابي، بل محطة للمسؤولية والإنجاز.
ودعا إلى العمل بروح الجدية لاستكمال القوانين والبرامج المفتوحة، وتفادي التراخي الذي غالباً ما يميز السنوات الأخيرة من الولايات التشريعية.
تأطير المواطن… مسؤولية جماعية
ركّز الخطاب الملكي على أهمية تأطير المواطنين والتواصل معهم بشأن القوانين والمبادرات الحكومية، معتبراً أن هذه المهمة لا تقع على الحكومة وحدها، بل على البرلمان والأحزاب والمنتخبين والإعلام والمجتمع المدني.
ويكشف هذا التوجيه عن قلق ملكي من ضعف الوساطة السياسية والتواصل المؤسساتي، وعن رغبة في إعادة الثقة بين المواطن ومؤسساته عبر إشراك جميع الفاعلين في شرح السياسات العمومية وتبسيطها.
العدالة الاجتماعية والمجالية: رهان استراتيجي لا شعار مرحلي
أعاد الملك التأكيد على أن العدالة الاجتماعية والمجالية ليست شعاراً ظرفياً، بل توجهاً استراتيجياً دائماً يجب أن يحكم كل السياسات العمومية.
ودعا إلى تسريع مسار “المغرب الصاعد” من خلال تعبئة الطاقات الوطنية وإحداث تحوّل ملموس في العقليات وطرق العمل، مشدداً على ضرورة ترسيخ ثقافة النجاعة والمحاسبة في تدبير المشاريع العمومية.
الاهتمام بالمناطق الهشة والسواحل والمراكز القروية
حدّد الخطاب الملكي أولويات تنموية دقيقة تمسّ المناطق الجبلية والواحات التي تغطي نحو 30 في المئة من التراب الوطني، داعياً إلى بلورة سياسة مندمجة تراعي خصوصياتها.
كما شدّد على التفعيل الجدي لمخطط وطني للساحل يوازن بين التنمية وحماية البيئة، وعلى توسيع المراكز القروية لتقريب الخدمات وتحقيق توازن ترابي حقيقي بين المدن والقرى.
دعوة إلى تعبئة وطنية ومسؤولية مشتركة
أنهى الملك خطابه برسالة واضحة إلى جميع المؤسسات والفاعلين السياسيين مفادها أن المرحلة المقبلة تتطلب تعبئة كل القوى الوطنية، أغلبيةً ومعارضةً، حكومةً وبرلماناً، من أجل المصلحة العليا للوطن والمواطنين.
وأكد أن خدمة الوطن تقتضي النزاهة، الالتزام، ونكران الذات، في إشارة قوية إلى أن الرهانات القادمة لا تُربح بالشعارات، بل بالفعل الميداني والنتائج الملموسة.
الخطاب الملكي حمل خريطة طريق دقيقة للمرحلة الأخيرة من الولاية التشريعية، تقوم على ثلاثة محاور كبرى:
1. تسريع التشريع والإنجاز بروح المسؤولية.
2. تجسيد العدالة المجالية والاجتماعية كأولوية استراتيجية.
3. استعادة الثقة عبر التواصل وتعبئة كل القوى الوطنية.
بهذا يكون الملك محمد السادس قد رسم ملامح مرحلة جديدة عنوانها “المغرب الصاعد بعد الإصلاح”، حيث لا مكان للتهاون أو التبرير، بل فقط للنتائج التي تصنع الفارق في حياة المواطنين.





