
“ضريبة الشفافية” الجديدة… قانون مالية 2026 يعلن الحرب على المعاملات العقارية بالنقد
الرباط: ريم بنكرة
يبدو أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 قرّر فتح صفحة جديدة في ضبط المعاملات العقارية بالمغرب، من خلال فرض رسم تسجيل إضافي بنسبة 2% على كل عقد بيع أو تفويت لا يحترم شروط الشفافية في الأداء المالي.
إجراء اعتبره الخبراء تحولاً جذرياً في علاقة الدولة بسوق العقار، إذ يهدف إلى تضييق الخناق على المعاملات النقدية (الكاش) وتعزيز تتبع مسارات الأموال.
وينص المشروع على أن أي عقد بيع أو تفويت لعقار أو أصل تجاري سيخضع تلقائياً للزيادة الضريبية إذا لم يتضمن تفاصيل دقيقة حول طرق أداء الثمن أو لم يتم الدفع عبر القنوات البنكية أو أمام الموثق. وتشمل الحالات المعنية العقود التي لا تشير إلى كيفية الدفع أو التي تم فيها أداء جزء من الثمن نقداً، حيث تُفرض الزيادة فقط على المبلغ المدفوع نقداً.
ويرى محللون أن هذا المقتضى الجديد لا يقتصر على البعد الجبائي، بل يتجاوزه إلى تأمين المعاملات العقارية ومحاربة التلاعبات المالية، من خلال إلزام الأطراف المعنية ـ البائع والمشتري والموثق والمنعش العقاري ـ بتوثيق كل خطوة مالية عبر وسائل رسمية.
ويؤكد خبراء المجال أن هذه الخطوة تمثل ترسيخاً إلزامياً لمبدأ الشفافية في العقود، إذ بات لزاماً أن يتضمن كل عقد تفاصيل دقيقة حول الأداء (دفعة واحدة أو بالتقسيط، التحويل البنكي، الحساب الموثق، مراجع العمليات البنكية…)، مع الاحتفاظ بالمستندات الداعمة كأوامر التحويل وإشعارات التنفيذ.
ويُنتظر أن يغيّر هذا الإجراء من سلوك المتدخلين في السوق العقارية، إذ سيصبح من غير الممكن الاعتماد على “الدفع النقدي” لتفادي الرسوم أو تقليص قيمة المعاملات المصرح بها. كما سيعزز ذلك رقابة الدولة على حركة الأموال، انسجاماً مع التزامات المغرب الدولية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
من جهته، دعا عدد من المختصين الموثقين إلى تحديث نماذج العقود ورفض أي عقد لا يتضمن تفاصيل الأداء المالي، مع إدراج بنود واضحة تتيح تتبع العمليات وضمان أمنها القانوني. أما المنعشون العقاريون والمستثمرون، فبات عليهم تحيين نظمهم الداخلية والالتزام الصارم بالقنوات البنكية الرسمية في الأداء، لتفادي أي غرامات محتملة.
ويرى المراقبون أن هذه الخطوة، رغم صرامتها، ستُسهم على المدى المتوسط في تنظيف السوق العقارية من الممارسات غير المهيكلة ورفع مستوى الثقة بين مختلف الفاعلين، لكنها في المقابل قد ترفع من كلفة المعاملات وتبطئ بعض العمليات التجارية في المدى القصير، في انتظار أن تتأقلم السوق مع “زمن الشفافية” الجديد.





