هل ستنجح حكومة “أخنوش” في تنزيل وعودها الاقتصادية وإنقاذ العاطلين
في 11 أكتوبر الجاري استعرض رئيس الحكومة المغربية الجديدة عزيز أخنوش برنامج حكومته للنقاش، في أول ظهور له أمام البرلمان عقب تعيينه.
وقال أخنوش في كلمته أمام أعضاء البرلمان بغرفتيه (النواب والمستشارين) إن حكومته حددت 10 التزامات كبرى تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتيسيرا لتتبع وتقييم الحصيلة الحكومية.
وبحسب “أخنوش”، فإن أبرز هذه الالتزامات تتمثل في توفير مليون فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة.
وبعد يومين على تقديم البرنامج الحكومي، نالت حكومة أخنوش ثقة البرلمان في 13 أكتوبر، وذلك بالأغلبية المطلقة.
ويتساءل المتتبعون للشأن السياسي والاقتصادي في المغرب عن التأثير المتوقع لبرنامج حكومة “أخنوش” على انتعاش الاقتصاد المحلي.
إجراءات فورية
حدد البرنامج الحكومي الذي نشره مجلس النواب في موقعه الإلكتروني، إجراءات فورية لإنعاش الاقتصاد الوطني، في أعقاب أزمة فيروس كورونا.
وتقول الحكومة الجديدة إنها “تواجه الحالة الطارئة المتعلقة بأزمة كورونا، بتنفيذ سياسة وطنية للتحول الاقتصادي”.
وتلتزم حكومة “أخنوش”، “ابتداء من 2022، باتخاذ “تدابير طارئة لإنعاش التشغيل”.
وتشمل التدابير “برنامجا لورش العمل العامة، وأخرى لدعم أولويات عمل الحكومة من أجل التشغيل، والمتمثلة في الرفع من إدماج الشباب والنساء في سوق الشغل”.
وابتداء من العام المقبل تلتزم الحكومة بإبرام عقود عمل مؤقتة لمدة سنتين لـ “لإدماج العاطلين عن العمل من خلال برامج مبتكرة”.
وتقول الحكومة إن هذا البرنامج “سيمكن من خلق ما لا يقل عن 250 ألف فرصة شغل مباشرة في غضون سنتين”.
كما ستقدم الحكومة ابتداء من 2022، برنامج “الفرصة” لدعم مبادرات الشباب الفردية، و”ستمنح قروضا للشباب بقيمة 100 ألف درهم ، يسدد على مدى 10 سنوات”.
البرنامج الحكومي ذاته، يلتزم بـ”إحداث إطار تنظيمي وضريبي يدعم المقاولات الناشئة، من خلال منح إمكانية التعامل بالعملة الأجنبية في حدود 500 ألف درهم سنويا”.
مصادر التمويل
وقال عمر الكتاني الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس بالرباط في تصريح للأناضول: “آمل فعلا أن تتحقق الأرقام الاقتصادية، التي جاء بها البرنامج الحكومي، خصوصا ونحن في فترة الأزمة المتعلقة بالجائحة”.
واستدرك: “إلا أن هناك تساؤلات حول إمكانية تحقيق تلك الأرقام، والوعود التي تضمنها البرنامج الحكومي، من حيث التمويل أساسا”.
وأضاف: “من الناحية الاستثمارية يطرح السؤال حول وسائل التمويل التي ستوظف من غير اللجوء إلى المديونية هل هناك سياسة للتقشف تعتزم الحكومة اتباعها لتحقيق موارد مالية كفيلة بتنفيذ البرنامج الحكومي”.
وتابع: “الاستثمارات المزمع تنفيذها، ستكون في ظل ظروف الأزمة التي يعيشها المغرب كما باقي دول العالم، والمرتبطة بالجائحة.. ثم نتساءل عن مدى وجود سياسة لمقاومة حقيقية للفساد، لتوفير ميزانية تغطي كلفة تنفيذ البرنامج الحكومي”.
المبادلات الخارجية
وتقول الحكومة إنها ستعمل من “أجل تقليص الاعتماد على الاستيراد على تتبع سياسة طموحة تستعيض عن الواردات بالمنتوجات المحلية”.
وأوضح البرنامج الحكومي أن هذه السياسة تهدف إلى “تحقيق إنتاج محلي لما قيمته 34 مليار درهم، مع إمكانية خلق 100 ألف منصب شغل”.
وتعتبر الحكومة أن “تشجيع وسم (صنع في المغرب)، سيكون هو المحرك للسياسة الاقتصادية، فيما يتصل بالمشتريات العمومية”.
وستلجأ الحكومة إلى “إلزامية تفضيل المنتوج الوطني كلما كان ذلك ممكنا”.
المناطق القروية
والتزم البرنامج الحكومي بخلق طبقة وسطى في العالم القروي، من خلال استراتيجية “الجيل الأخضر”.
وتطمح الحكومة إلى إدخال ما بين 350 ـ 400 ألف أسرة فلاحية إلى الطبقة الوسطى.
وستتيح هذه الاستراتيجية بحسب وثيقة البرنامج الحكومي تثبيت مداخيل 690 ألف أسرة إضافة إلى إبراز جيل جديد من المقاولين الفلاحين الشباب.
ورأى الكتاني أن “الطبقة الوسطى لا يمكن أن تحدث في وقت وجيز لأن أول شرط لإحداثها أن تكون متعلمة”.
وأضاف: “لا يمكن خلق الطبقة المتوسطة في فئة من الناس ترتفع لديهم نسبة الأمية”، مشيرا إلى “وجوب التأهيل والتكوين للرفع من الإنتاجية”.
تطوير الصناعة
أكد البرنامج الحكومي أن تطوير الصناعة “قد تمحور أساسا حول صناعات ثقيلة تتطلب استثمارا مهما في اليد العاملة”.
وأضاف: “الحكومة عازمة على مدى السنوات الخمس المقبلة تغيير النموذج التنموي بفعل تعزيز الاندماج المحلي لصناعات قائمة على استثمار مهم في رؤوس الأموال”.
وتابع: “خطة الإنعاش المقترح ستتيح خلق أكثر من 400 ألف فرصة شغل خلال الفترة الممتدة ما بين 2022 و2026”.
وزاد: “إذا نظرنا إلى قطاع السيارات كأول قطاع مصدر في المغرب، نتوقع رفع معدل الاندماج من نسبة 60 بالمئة حاليا إلى 80 بالمئة بفضل الإنتاج المحلي لعشرات المنتوجات الصناعية عوض استيرادها”.
وسيتم “ضخ 21 مليار درهم على مدى خمس سنوات، لدعم نمو المقاولات الصغيرة والمتوسطة وتحفيز الصادرات وخلق مناطق صناعية”.
مليون فرصة عمل
وبينما تعتزم حكومة أخنوش، توفير مليون منصب شغل في خمس سنوات، يرى عمر الكتاني أنه “رقم واقعي”.
وقال الخبير الاقتصادي: “في السنوات الماضية، يتقدم نحو 250 ألف شخص للحصول على مناصب عمل، تستوعب منهم الدولة ما بين 150 و200 ألف”.
وزاد: “تشغيل مليون شخص في ظرف 5 سنوات، في الظروف الحالية يظل طموحا واقعيا.. لكن هذا التشغيل هل سيشمل القرى أيضا.. أعتقد أن المستفيد الأكبر من المجهود الذي ستبذله الحكومة هم سكان المناطق الحضرية”.