انتخابات 2026 تُشعل “حرب التسريبات” بين مختلف الأحزاب

“معركة مبكرة على كرسي حكومة “المونديال”

الرباط: إدريس بنمسعود

مع اقتراب العدّ العكسي لانتخابات 2026 التشريعية، بدأت ملامح صراع سياسي محتدم تطفو على السطح، يُنذر بمعركة غير مسبوقة في حدّتها. فالأحزاب السياسية الكبرى تستعد مبكرًا لخوض سباق “حكومة المونديال”، في إشارة إلى الحكومة التي ستقود المغرب خلال فترة تنظيم كأس العالم 2030.

لكن ما يثير الانتباه هذه المرة ليس الخطاب الانتخابي أو البرامج السياسية، بل حرب التسريبات التي اندلعت باكرًا، لتتحول إلى أحد أبرز أسلحة المواجهة في الساحة السياسية.

منذ أسابيع قليلة، تتناسل الأخبار حول صفقات مشبوهة وخروقات مفترضة في عدد من المجالس المنتخبة، خاصة في كبريات المدن والجماعات القروية. هذه المعطيات أعادت إلى الواجهة النقاش حول شفافية التدبير المحلي، وأيقظت الشكوك حول خلفيات تسريبها وتوقيتها السياسي.

ويرى متتبعون أن بعض الأطراف بدأت فعلاً في استخدام ورقة “الفضائح الانتخابية” كسلاح استباقي لتصفية الحسابات، في محاولة لكسب التعاطف الشعبي وتلميع الصورة قبل الحسم في صناديق الاقتراع.

لم تعد الحملات الانتخابية في المغرب تقتصر على التجمعات الخطابية أو الوعود التنموية، بل أصبحت تُدار في الخفاء عبر التسريبات والتسريبات المضادة. فكل حزب يسعى إلى إضعاف خصومه بتسريب ملفات أو اتهامات تُوجه نحو الفساد أو سوء التسيير.

هذه “اللعبة القذرة” تذكي منسوب التوتر داخل المجالس المنتخبة، وتحوّلها إلى ساحة لتصفية الحسابات بدل فضاء للتعاون المؤسساتي. وهي ممارسات تعكس في العمق هشاشة الثقافة الديمقراطية لدى بعض الفاعلين الذين يخلطون بين التنافس المشروع والمناورة غير الأخلاقية.

الرهان الأكبر في انتخابات 2026 لا يقتصر على تشكيل حكومة جديدة، بل يتمثل في قيادة مرحلة استثنائية تتزامن مع تنظيم المغرب لكأس العالم 2030. ولهذا، فإن كل حزب يسعى إلى أن يكون في موقع القرار خلال هذه المرحلة الذهبية، لما تحمله من رمزية سياسية واقتصادية على الصعيدين الوطني والدولي.

إنها حكومة الفرصة التاريخية، التي ستُشرف على مشاريع كبرى وتواجه أنظار العالم، وهو ما يجعل المعركة أكثر شراسة وأكثر حساسية من أي وقت مضى.

غير أن أخطر ما تفرزه هذه الحرب السياسية المبكرة هو تآكل ثقة المواطنين في العمل الحزبي والمؤسسات المنتخبة. فحين تتحول المنافسة إلى سباق في “تبادل الفضائح” بدل عرض البرامج، يفقد المواطن الإحساس بجدوى المشاركة، ويتحول إلى متفرج ساخر على مشهد سياسي يزداد غموضًا.

هذه الدينامية السلبية تهدد بتعميق الفجوة بين الشارع والمشهد الحزبي، في وقت يحتاج فيه المغرب إلى تعبئة جماعية لإنجاح رهاناته الكبرى، وعلى رأسها مونديال 2030.

اليوم، تقع على عاتق الأحزاب مسؤولية مضاعفة: ليست فقط الفوز في صناديق الاقتراع، بل إعادة الاعتبار للعمل السياسي عبر ترسيخ قيم الشفافية والنزاهة والمنافسة الشريفة.

فحكومة “المونديال” لن تكون مجرد سلطة تنفيذية جديدة، بل امتحانًا أخلاقيًا وسياسيًا لقدرة الطبقة السياسية على تجاوز منطق الحسابات الضيقة نحو رؤية وطنية جامعة، تليق بصورة المغرب أمام العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى