
بنكيران يهاجم والي جهة كلميم وادنون ويطالب لتفتيت بالتدخل العاجل
الرباط: إستثمار
في موقف يفضح أزمة عميقة في ثقافة السلطة والمواطنة داخل دوائر الإدارة المغربية، انبرى عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ليكسر جدار الصمت حول ما وصفه بـ”التصرف المهين” الذي صدر عن والي جهة كلميم وادنون تجاه المواطن عبد الله النجامي. لم يكتف بنكيران بتسجيل استنكاره، بل ذهب إلى حد تحميل وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت مسؤولية التدخل العاجل لتصحيح هذا السلوك المشين، في خطوة تضع وزارة الداخلية في موقف المساءلة المباشرة.
جاءت تصريحات بنكيران خلال المنتدى السياسي الثامن في المحمدية، حاملة انتقاداً لاذعاً لنموذج إداري يتعالى على المواطن ويستسهل الإهانة. وأكد أن الخلاف في الرؤى أو الانتماءات السياسية، مهما بلغت حدتها، لا يمكن أن تشكل ذريعة مقبولة للتعامل غير اللائق أو المساس بالكرامة. بل ذهب إلى أبعد من ذلك، محاولاً تفكيك منطق السلطة المتغطرسة حين تساءل: لماذا لم يكتف الوالي بعدم استدعاء النجامي إذا كان لا يرتاح له، بدلاً من اختيار طريق الإحراج والإهانة برفض مصافحته؟
ولم يكن استحضار بنكيران لحادثة الإساءة التي تعرض لها الراحل عبد الله بها سوى رسالة موجهة بقوة إلى كل من في مواقع المسؤولية. لقد أراد أن يذكر الجميع بأن المؤسسة الملكية كانت قدوة في رفض مثل هذه السلوكيات، عندما أدى تصرف مسيء من أحد العمال إلى إعفائه فوراً بأمر ملكي.
هذا الاستحضار يحمل إدانة مبطنة للوالي وللسلطة التي يمثلها، فهو يشير إلى أن منطق الدولة الحقيقية يختلف جذرياً عن ممارسات بعض مسؤوليها. إنه يؤكد أن روح المؤسسات الدستورية تقتضي الحياد والاحترام لجميع المواطنين والأحزاب على قدم المساواة، بينما يكشف في الوقت ذاته عن وجود هوة بين المبدأ والتطبيق على أرض الواقع.
هذه الواقعة ليست مجرد حادثة فردية عابرة، بل هي عارض لمرض أعمق في بنية الإدارة والعلاقة بين الدولة والمواطن. إنها تطرح أسئلة حارقة عن حدود صلاحيات الولاة، وطبيعة الثقافة السائدة داخل أروقة الإدارة، وإلى أي درجة يمكن أن تتحول الخلافات السياسية إلى ذريعة لتصفية الحسابات الشخصية والاستخفاف بحقوق الناس. بنكيران، بهذا الموقف، لا يدافع فقط عن كرامة فرد، بل يفتح ملفاً شائكاً عن ضرورة مراجعة ثقافة السلطة وإخضاعها لروح المسؤولية والخدمة العمومية التي يفترض أنها أساس وجودها.





